نداك حبيب لا يشط مزاره

نداكَ حبيبٌ لا يشِطُّ مزارُهُ

وإنْ غَنِيَت بينَ الكواكب دارُهُ

وأكرِمْ بِهِ ألفاً دعا الحمدَ راغِباً

فلَبَّاهُ مخلوعاً إليه عِذارُهُ

أبانَ سبيلَ النُّجْحِ ساطِعُ نورِهِ

ولاحَتْ لعلياء النواظر نارُهُ

فصُبْحُ الَّذِي يغدو إليكَ بَشِيرُهُ

ولَيْلُ الَّذِي يسري إليك نهارُهُ

وأيُّ رجاءٍ حادَ منكَ طريقُهُ

وأيُّ ثناءٍ قَرَّ عنك قرارُهُ

ولا أمَلٌ إلّا إليك مآلُهُ

ولا سُودَدٌ إلّا عَلَيْكَ مدارُهُ

ولو أنَّ قلباً شاقه المجدُ والعُلا

فطارَ إليها مَا عَداك مطارُهُ

ولو نَثَرَ البحرُ المُسَخَّرُ دُرَّهُ

لما كانَ إِلّا فِي ذَراك انتثارُهُ

لو كانَ من زُهْرِ الكواكبِ زائرٌ

إلى مَلِكٍ مَا حادَ عنكَ مَزَارُهُ

لَأَمَّكَ مشدوداً إليكَ زِمامُهُ

ووافاكَ مرفوعاً إليكَ عَمارُهُ

ولو كانَ للدهرِ المؤَبَّدِ مَفْخَرٌ

لكانَ بما أبْدَعْتَ فِيهِ افتخارُهُ

ولم يعْدَمِ الشادِي بذكرِكَ زَهْرَةً

يطولُ بِهَا إعجابُهُ وازْدِهارُهُ

لَبْوسُ ثناءٍ من مساعيكَ بِينُهُ

ومن غُرَرِ الأشعارِ فيكَ شِعارُهُ

تُهِلُّ بِهِ الدنيا إلى المَلِكِ الَّذي

زَكَا وتعالى جِذْمُهُ ونِجارُهُ

مَليِكٌ تَرَدَّى من تُجيبَ سَكِينَةً

وحِلْماً يَفِي بالرّاسياتِ وَقارُهُ

ودَوْحٌ تعالَتْ فِي السَّماءِ فُروعُهُ

ولَكِنْ دَنَتْ للمُجتَنِينَ ثِمارُهُ

بمَطْعَمِ سَلْمٍ لا يُمَلُّ مَساغُهُ

ومَطْعَمِ حَرب لا يُساغُ مرَارُهُ

إذا نَشَأتْ بالبارِقاتِ سَحابُهُ

وجاشَتْ بجيشِ الدَّارِعينَ بِحارُهُ

وقد أضرَمَ الآفاقَ من حرِّ بأسِهِ

لَظى لَهَبٍ زُرْقُ الوَشيجِ شَرارُهُ

وغَرَّةُ شمسِ المجدِ تسمو كأنّما

تراءى لَهْ فِي غُرَّةِ الشمس نارُهُ

وكَمْ وَصَلَتْهُ بالكواكِبِ هِمَّةٌ

تُجَلّي إلى الآفاقِ أينَ مَغارُهُ

وليثُ ليوثٍ يُصْعِقُ الأرضَ زأرُها

ويَقْدُمُها فِي حَوْمَةِ الموتِ زَارُهُ

وشمسٌ وَفِي كِسْفِ العَجاجِ كُسوفُها

وبَدْرٌ وَفِي خَفْقِ البُنودِ سِرارُهُ

وأكرِمْ بِهِ أنْ يَعْرِفَ النَّكْثَ عَقْدُهُ

أو الخُلْفَ راجِيهِ أو الضَّيْمَ جَارُهُ

ومن طَرَقَتْ خَيْلُ الخطوبِ حَرِيمَهُ

فأوَّلُ دعواهُ إليهِ انْتِصارُهُ

فتىً جَعَلَ الجُرْدَ الجيادَ قِداحَهُ

ففازَ بأقمارِ المعالي قِمارُهُ

ضَمانٌ عليهِ أنْ يَذِلَّ عَدُوُّهُ

وحَقٌّ إليهِ أنْ يعِزَّ جِوارُهُ

وماليَ لا أختارُ قُربَكَ بادِياً

وأنتَ من الدَّهرِ الخيارِ خِيارُهُ

ومَنْ ذا لداعِ لا يُجابُ دُعاؤُهُ

سِواكَ وعانٍ لا يُفَكُّ إسارُهُ

ومهوى غَريقٍ لا يُرَّجى غِياثُهُ

وعاثِرِ جَدٍّ لا يُقالُ عِثارُهُ

ألا عَزَّ من أبَدى إليكَ خُضُوعَهُ

وحازَ غِناهُ من إليكَ افتقارُهُ