هل يجهل السمت من يستوضح الطرقا

هَلْ يَجْهَلُ السَّمْتَ مَن يَسْتَوْضِحُ الطُّرُقا

أَوْ يُبْعِدُ الشَّمْسَ من يَسْتَيْقِنُ الغَلَقا

قَدْ خَبَّرَتْ دوحَةُ المجدِ الَّتِي كَرُمَتْ

عَنْ مُعْتَلَى ذَلِكَ الغُصْنِ الَّذِي بَسَقا

للهِ عَيْنٌ رأَتْهُ وَهْوَ بدرُ دُجىً

يوماً أَهَلَّ فجلَّى نورُهُ الأُفُقا

وكم رأَينا وجوهَ الروضِ ضاحِكَةً

فِي رائِحٍ راحَ أَوْ فِي بارِقٍ بَرَقا

أَنجبتَهُ يَا وزيرَ المُلْكِ مُدَّخَراً

لفَجْأَةِ الخطبِ إِن غادى وإِن طَرَقا

وفارساً لِغِمارِ الرَّوْعِ مقتحِماً

وصارِماً فِي يمينِ الملك مُؤْتَلِقا

وَقَدْ يُرى فِي نواحي المهدِ مُبتَدِراً

إِلَى الطِّعَانِ وكَرَّاتِ الوغى قَلِقا

تُدْنَى ملاعِبُهُ منه فَلَيْسَ يُرى

غَيْرَ السِّنانِ وغيرَ الرُّمْحِ مُعْتَلِقا

للبِرِّ أَوَّلُ مَا قامَتْ بِهِ قَدَمٌ

سعياً وللحَقِّ أُولى نَطْقَةٍ نَطَقَا

حَتَّى غَدا بكتابِ الله معتصِماً

يُحْبى بخُطَّةِ عِزٍّ كُلَّما حَذِقَا

ثُمَّ اسْتَمَرَّ إِلَى العلياءِ مُفَتَتِحاً

مَعاقِلَ الفخرِ لا نِكْساً ولا فَرِقا

تلقاهُ مِنْ دُونِها الأَيَّامُ مُتَّئِداً

بالجِدِّ مُشْتَمِلاً بالحَزمِ مُنْتَطِقا

وَقَدْ أَحاطَتْ أَزاهِيرُ النعيمِ بِهِ

فَصَيَّرَ العِلْمَ فِيهَا رَوْضَهُ الأَنِقا

وَمَا غَدَا غيرَ كأْسِ المَدْحِ مُصطَبِحاً

وَلَمْ يَرُحْ غيرَ كأْسِ المَجْدِ مُغْتَبِقا

مُفَجَّرَ الكَفِّ جُوداً والجبينِ سَناً

ومُفْعَمَ الجَيْبِ نُصْحاً والضَّمِيرِ تُقى

قَدْ شَرَّدَ الظُلْمَ عن أَوْطانِ شيمَتِهِ

فلَمْ يَدَعْ مِنْكَ لا خَلْقاً ولا خُلُقا

حَتَّى فرايتك اللاتي سَمَوْتَ لَهَا

قَدْ حازَها مِثْلَما قَدْ حُزْتَها نَسَقا

وَمَا انْثَنى الأَملُ المُعْطِي رغائِبَهُ

فِيهِ ولا وَقفَ الظَّنُّ الَّذِي صَدَقا

حَتَّى يُوَفَّى الَّذِي وُفِّيتَ فِي عَجَلٍ

ومِثْلُهُ إِنْ سعى فِي مِثْلِها لَحِقا

فقد رَأَتْ أَنَّهُ حقّاً لَهُ خُلِقَتْ

كَمَا رأَى أَنَّهُ حَقّاً لَهَا خُلِقا

مُشَيَّعُ السَّعْيِ لَمْ يُبْهَرْ لَهُ نَفَسٌ

حَتَّى أَتى الغايةَ القُصْوى وَقَدْ سَبقا

ما احتازَ ذُو هِمَّةٍ فِي المَكْرُماتِ مَدىً

بِمُجْهِدِ الشَّأْوِ إِلّا احْتازَهُ عَنَقَا

لم يَأْنِ أَنْ يَعْلَقَ البِيضَ الحِسانَ وَقَدْ

أَضْحى فؤادُ العُلا صَبّاً بِهِ عَلِقا

ولا انْثَنى لِعِناقِ الخُودِ بَعْدُ وَقَدْ

يَبِيتُ للشُّرْطَةِ العُلْياءِ مُعْتَنِقا

غَرَّاءُ راحَتْ عَلَيْهِ وَهْوَ بُغْيَتُها

فأَصْبَحَ الدهرُ من أَنفاسِها عَبِقا

وأَصْبَحَ العَرْضُ فِي آثارِهِ أَسِفاً

يُعَلِّلُ النَّفْسَ أَنْ تَسْتَبقِيَ الرَّمَقا

إِنْ يُشْجَ أَلّا يُسَمَّى عارِضاً أَبَداً

يُسَلِّهِ أَنْ يُسَمَّى عارِضاً غَدِقا

فالحَمْدُ للهِ راحَ الغُصْنُ مُعْتَلِياً

والسيفُ مُنْصَلِتاً والبَدْرُ مُتَّسِقا

مَنَّاً منَ اللهِ والمولى الَّذِي مَطَرَتْ

سماؤُهُ الدُّرَّ بَلْهَ التِّبْرَ والوَرِقا

مُسْتَيقِناً أَنَّ شَمْلَ المُلْكِ مُجْتَمِعٌ

يوماً إِذَا كَانَ شملُ المالِ مُفْتَرِقا