بملتفتيه للمشيب طوالع

بِمُلتَفَتَيهِ لِلمَشيبِ طَوالِعُ

ذَوائِدُ عَن وِردِ التَصابي رَوادِعُ

تُصَرِّفنَهُ طَوعَ العنانِ وَرُبَّما

دَعاهُ الصِبا فَاِقتادَهُ وَهو طائِعُ

وَمَن لَم يزِغهُ لُبُّهُ وَحَياؤُهُ

فَلَيسَ لَهُ مِن شَيبِ فَودَيهِ وازِعُ

هَلِ النافِرُ المَدعُوُّ لِلحَظِّ راجِعٌ

أَمِ النُصحُ مَقبولٌ أَمِ الوَعظُ نافِعُ

أَم الهَمك المَهمومُ بِالجَمعِ عالِمٌ

بِأَنَّ الَّذي يَرعى مِنَ المالِ ضائِعُ

وَأَنَّ قُصاراهُ عَلى فَرطِ ضَنِّهِ

فِراقُ الَّذي أَضحى لَهُ وَهوَ جامِعُ

وَيَخمُلُ ذِكرُ المَرءِ ذي المالِ بَعدَهُ

وَلَكِنَّ جَمعَ العِلمِ لِلمَرءِ رافِعُ

أَلَم تَرَ آثارَ اِبنِ إِدريسَ بَعدَهُ

دَلائِلُها في المُشكِلاتِ لَوامِعُ

مَعالِمُ يَفنى الدَهرُ وَهيَ خَوالِد

وَتَنخَفِضُ الأَعلامُ وَهيَ فَوارِعُ

مَناهِجُ فيها لِلهُدى مُتَصَرَّفٌ

مَوارِدُ فيها لِلرَشادِ شَرائِعُ

ظَواهِرُها حِكَمٌ وَمُستَنبَطاتُها

لِما حَكَمَ التَفريقُ فيهِ جَوامِعُ

لِرَأيِ اِبنِ إِدريس اِبنِ عَمِّ مُحَمَّدٍ

ضِياءٌ إِذا ما أَظلَمَ الخَطبُ ساطِعُ

إِذا المُعضِلاتُ المُشكِلاتُ تَشابَهَت

سَما مِنهُ نورٌ في دُجاهُنَّ لامِعُ

أَبى اللَهُ إِلّا رَفعَهُ وَعُلُوَّهُ

وَلَيسَ لِما يُعليهِ ذو العَرشِ واضِعُ

تَوَخّى الهُدى فَاِستَنقَذَتهُ يَدُ التُقى

مِنَ الزَيغِ إِنَّ الزَيغَ لِلمَرءِ صارِعُ

وَلاذَ بِآثارِ الرَسولِ فَحُكمُهُ

لِحُكمِ رَسولِ اللَهِ في الناسِ تابعُ

وَعَوَّلَ في أَحكامِهِ وَقَضائِهِ

عَلى ما قَضى التَنزيلُ وَالحَقُّ ناصِعُ

بَطيءٌ عَنِ الرَأيِ المَخوفِ اِلتِباسُهُ

إِلَيهِ إِذا لَم يَخشَ لبساً مُسارِعُ

جَرَت لِبُحورِ العِلمِ أَمدادُ فِكرِهِ

لَها مَدَدٌ في العالَمينَ يُتابعُ

وَأَنشَا لَهُ مُنشيهِ مِن خَيرِ مَعدَنٍ

خَلائِقَ هُنَّ الباهِراتُ البَوارِعُ

تَسَربَلَ بِالتَقوى وَليداً وَناشِئاً

وَخُصَّ بِلُبِّ الكَهلِ مُذ هُوَ يافِعُ

وهُذِّبَ حَتّى لَم تُشِر بِفَضيلَةٍ

إِذا اِلتُمِسَت إلّا إِلَيهِ الأَصابِعُ

فَمَن يَكُ عِلمُ الشافِعِيِّ إِمامَهُ

فَمَرتَعهُ في باحَةِ العِلمِ واسِعُ

سَلامٌ عَلى قَبرٍ تَضَمَّنَ جِسمَهُ

وَجادَت عَلَيهِ المُدجِناتُ الهَوامِعُ

لَقَد غَيَّبَت أَثراؤُهُ جِسمَ ماجِدٍ

جَليلٍ إِذا اِلتَفَّت عَلَيهِ المَجامِعُ

لَئِن فَجَعَتنا الحادِثاتُ بِشَخصِهِ

لَهُنَّ لِما حُكِّمنَ فيهِ فَواجِعُ

فَأَحكامُهُ فينا بُدورٌ زَواهِرٌ

وَآثارُهُ فينا نُجومٌ طَوالِعُ