أترى الخل إذ نأى أوصى بي

أتُرَى الخِلُّ إذْ نأَى أوصى بِي

كيفَ شاءَ الهَوى إلى أوْصابي

طالَما بتُّ أشتَكي نارَ شوْقِي

وهْيَ شكْوَى جوىً بغيْرِ جَوابِ

وتذكّرتُ عهْدَ أُنْسٍ تقضّى

لمْ يَكن فيهِ زندُ أُنسيَ كابِ

ثم نادَيْتُ في الظّلامِ ودمْعي

بيْنَ جفْنَيَّ دائِمُ التّسْكابِ

هلْ مُباحٌ بعدَ الصدودِ وِصالِي

أو مُتاحٌ بعْدَ البِعادِ اقتِرابي

ليَ قلبٌ صادٍ إذا رامَ وِرْداً

ذِيدَ عن موْرِدِ الثغُورِ العِذابِ

لي دمْعٌ يُغْني عن الغيثِ مهْما

أخْلَفَ الغيثُ معْهدَ الأحْبابِ

وأنا الآن في نَعيمٍ مُقيمٍ

بعْدَ نُصْبٍ قد مسّني وعَذابِ

هوَ شمْسي وطالَما قد توارَتْ

عن جفوني يومَ النَوى بالحِجابِ

غرَّني من وصالِه بخيالٍ

كَغُرورِ الصّادي بلمْعِ سَرابِ

جنّةٌ في عِذارِهِ ليَ فيها

إنْ أبيحَتْ طوبَى وحُسْنُ مآبِ

فإذا ما العَذولُ رامَ سُلُوِّي

كان سمْعي عنِ النصيحةِ نابِ

يا هِلالَ الجَمالِ يا ابْنَ هِلالٍ

يا هِلالاً يُزْري بأُسْدِ الغابِ

عُذّبَ القلْبُ إذ نأيْتَ وأضْحى

ذا نَعيمٍ إذ أبْتَ خيرَ إيابِ

كم سقتْني كُؤوسُ لحْظِكَ حتّى

مِلْتُ وجْداً ميْلَ الغُصونِ الرّطابِ

دُمْتَ ما لاحَتِ الكَواكِبُ أو ما

ضحِكَ الرّوضُ منْ بكاءِ السّحابِ