ألا يا مشوقا يمم الربع والمغنى

ألا يا مَشوقاً يمّمَ الرّبْعَ والمَغْنى

هنيئاً فوجْهُ الحسْنِ حيّاكَ بالحسْنى

عطفْت على سلمَى الرّكابَ مُسلّماً

فأهْدَتْ جَواباً رائقَ اللفظِ والمعْنَى

ويا طالَما صدّت ولم تَثْنِ مَعطِفاً

ولذّتْ وقد جاذَبْتُها غُصُناً لَدْنا

وأمّا وقد لاحَ المحَيّا وحُسْنُهُ

فمِنْ طَلْعةٍ تُجْلَى ومنْ دوحَةٍ تُجْنى

وقِدْماً سرَيْنا بالرَّكائِب مَوْهِناً

ونجْمُ الدُّجى بالأفْقِ لمْ يعرِفِ الوَهْنا

تخوضُ بنا بحْرَ السّرابِ ظعائِنٌ

فللّه عيْنَا مَن رأى البحرَ والسُّفْنا

ولم أنْسَ بالحَيِّ الحِلالِ وُقوفَها

وسُكّانُه المعْنَى فمالي وللمغْنَى

وهل شغَفي بالبانِ إلا لأنّه

بهِ شَبَهٌ ممّنْ كَلِفتُ بها معْنَى

هيَ الظّبْيُ جيداً والقَضيبُ تأوُّداً

ثنَتْنيَ مِلْكاً دونَ شرْطٍ ولا اسْتِثْنا

بنَيِّر مرْآها وحُسْنِ قوامِها

إذا ما تبدّتْ تُخْجِلُ البدْرَ والغُصْنا

فيا لَيْتَ منْها الطيْفُ قد زارَ في الدُجى

ومن لي بهِ والسُّهْدُ قد ألِفَ الجَفْنا

أطارَ فؤادي الشّوْقُ بعْدَ بِعادِها

فلمْ يتخِذْ في الصّدْرِ وكْراً ولا وَكْنا

عجِبْتُ لها إذْ أتْلَفَتْهُ ببُعْدِها

وما اتخذَتْ لمّا نأتْ غيرَهُ سُكْنى

لقد عذَرَتْني ثمّ ضنَّتْ بوصْلِها

وأعْجَبُ شيءٍ عاذِرٌ بالمُنَى ضَنّا

وقد رجمَ الواشي ظنوناً كَواذباً

فمنْ عاذِرٍ قدْ ضنّ أو عاذلٍ ظنّا

وأبْدَعُ شيءٍ طائرُ الدوحِ صادِحاً

يُذكِّرُ بالمغْنى ويُبْدِعُ إن غَنّى

أذِنْتُ لهُ والسمعُ بابٌ لسَجْعِهِ

فثابَ ولمْ يعرِفْ حِجاباً ولا إذْنا

وطوّق بالأنداءِ جيداً كأنّهُ

حَبَى يوسُفاً مَوْلايَ بالمَدْحِ فاسْتَغْنى

هوَ الملِكُ الأعْلى هو النّاصِرُ الذي

مَعالِي عَوالِيهِ مؤسّسةُ المَبْنى

فحَسْبُ ملوكِ الغربِ والشّرقِ أنّهُ

يُؤمّلُه الأقْصى من الخلْقِ والأدْنى

إذا ما تبدّى البدْرُ نُوراً ورِفْعَةً

أرى قدْرَهُ أسْمى وطلعتَهُ أسْنى

تُيَسِّرُ يُسْراهُ لسائِلهِ المُنى

وتَبْسُط يُمْناهُ لآمِلِه الأمْنا

فيُرْدي أعادِيهِ ويُحْيِي عُفاتَهُ

بمَكْرُمَةٍ قدْ سَنّ أو غارَةٍ شنّا

حَباني بالآمالِ والمالِ رِفْدُهُ

فأغْنَى وعنْ تسْآل مَنْ دونَهُ أغْنى

مدائِحُهُ كانتْ وسائِلَ للغِنى

فللّهِ ما أغْنى وللهِ ما أعْنَى

أمَولايَ قد بلّغْتَني كُلَّ مطْلَبٍ

بِفَيْضِ نوالٍ جَوْدُهُ يُخْجِلُ المُزْنا

ولمْ لا وقد وافتْ علامَتُك التي

لها الحُسْنُ في شفعِ الزّيادةِ بالحُسْنى

وجُدتَ بما قد أمّلَ العبْدُ مُنعِماً

فشكراً بما أوْليْتَ من مقْصَدٍ أسْنى

وشرّفْتَ عبْداً قد أتاكَ مُسلِّماً

يَرى اليُمْنَ في تَقبيلِ راحَتِك اليُمْنى

نوالكَ كافٍ كافِلٌ كلَّ سائِلٍ

لهُ في الورى معْنىً تَناسَوْا بهِ مَعْنا

يميناً بمنْ حثّ الرّكائِبَ في مِنىً

ومنْ حجّ بيت اللهِ والحجْرَ والرُّكْنا

ومنْ قد سَرى ليْلاً لتكْليمِ رَبِّهِ

إلى أن تدَلّى قابَ قوسيْن أو أدْنى

لما ساجَل البَدْرُ المُنيرُ ولا الحَيا

يَلوحُ ويَهْمي منكَ حُسْناً ولا مَنّا

ودونكَها بالحمدِ راقَ جمالُها

وبالمَدْحِ فاقتْ كُلَّ غانِيةٍ حَسْنا

فأثنى عليْكَ العَبْدُ بَدْءاً وعوْدَةً

إلى أن ثَنى صرْفَ الزّمانِ بما أثْنى