جفون بها ما إن يلم رقادها

جُفونٌ بها ما إنْ يُلِمُّ رُقادُها

لها أمَلٌ في الطّيفِ لوْلا سُهادُها

مدامِعُها تُذْكي جَوَى القلبِ كلّما

تُعاهِدُهُ الذّكْرى تجودُ عِهادُها

وإنّ التي قد هِمْتُ فيها صَبابةً

جَديدٌ إذا يَبْلَى الزّمانُ وِدادُها

هيَ الشّمسُ في أفْقِ الفؤادِ طلوعُها

هيَ الظّبيُ ما بيْنَ الضّلوعِ مَرادُها

لقدْ جُمِعَتْ فيها المحاسِنُ كُلُّها

فصحّ بأشْتاتِ الجمالِ انفِرادُها

لقد رقّ جسمي من هَواها فلَيْتَها

يَرقُّ لحالِ المسْتَهامِ فؤادُها

رسائِلُ وجْدي صفحَةُ الخدِّ طِرْسُها

ودمْعي كما شاءَ الغَرامُ مِدادُها

متَى بعُدَتْ عنّي أثيرٌ محلُّها

لديّ وفي قلْبي وثيرٌ مِهادُها

فَيا أيُّها القَلبُ المقلَّبُ في الجَوى

بمثْواكَ سُكْناها فكيفَ بعادُها

ويا معْشَرَ العذّالِ كُفّوا فإنها

نُفوسٌ تَساوَى غيُّها ورَشادُها

دَعوها تهِمْ وجْداً بسَلْمى فإنّها

إذا خُيِّرتْ في الدّهْرِ فهْيَ مُرادُها

تَميلُ بها الذّكْرى إلى زمَنٍ مضَى

على اللهِ في الرُجْعى إليْهِ اعتِمادُها

نَعمْ دولةُ العُشّاقِ هذِي وإنّني

كما قدْ علِمْتُمُ رُكْنُها وعِمادُها

ألا بأبي تِلكَ العُهودُ التي انقضَتْ

أيُرْجى وقدْ مرّتْ إليْنا مَعادُها

ولكنّها الأيّامُ تبْخَلُ بالمُنَى

عزيزٌ عليْها أن يُنالَ قِيادُها

فكمْ ليلةٍ بتْنا بوجْهِ نَديمِنا

وشمْسِ حُميّا الكاسِ يُجْلى سَوادُها

ونحنُ علي رغْمِ الحَسودِ نُديرُها

مُشَعْشعةً في الكاسِ يَبْدو اتّقادُها

وجالتْ جيادٌ للكُؤوسِ سوابِقٌ

أقيمَ بميْدانِ السّرورِ طِرادُها

فَفي أفُق الحالاتِ لاحَتْ بدورُها

وفي طلَقِ اللّذّاتِ جالَتْ جِيادُها

فَيا ليتَها يوماً تَجودُ بعودةٍ

ويُمْكِنُ من بعدِ النّفارِ انقِيادُها

ولوْلا ابنَةُ الفِكْرِ التي وردَتْ ضُحىً

عليَّ وفي روضِ البَيانِ ارْتِيادُها

لما رامَتِ السّلْوانَ نفْسُ مُتيّمٍ

فغيْرُ التسلّي دينُها واعْتِقادُها

ومنْ شأنها بذْلُ المودةِ دائِماً

وما الوُدُّ إلا ذُخْرُها وعَتادُها

أبا الفضْلِ بادِرْ بالجوابِ ضحَى غَدٍ

فإنّ بك الآدابَ وَارٍ زِنادُها

ووَجِّهْ بها من خِدْرِ فِكْرِكَ غادةً

تروقُ جَمالاً لا يُرامُ عِنادُها

فإنّ المعاني كلّما رُمْتَ نَظْمَها

ليَسْبِقُ في شأوِ المَعالي جوادُها

أزاهِرُ نثْرٍ أينَ منها زُهَيْرُها

جواهِرُ نظمٍ أيْنَ منها زِيادُها

فما هذه إلا سِهامُ بَلاغةٍ

إذا سُدّدَت للرّمْي بانَ سَدادُها

وما هذه إلا غُصونُ يراعةٍ

إذا ثُقّفَتْ بالكَتْبِ خِيفَتْ صِعادُها

وما هذه إلا سُيوفُ بَراعةٍ

بعاتِقِ مَنْ يُهْدي جَوابي نِجادُها