مولاي بشرى بالزمان المقبل

مَوْلايَ بُشْرى بالزّمانِ المُقْبِلِ

وبما جَلا من وجْهِهِ المتهَلِّلِ

زمَنٌ لبُشْراهُ ورائِق بِشرِه

يرْتاحُ كُلُّ مكَبِّرٍ ومُهَلِّلِ

زمنٌ جَلا وجهَ الفُتوحِ كأنّهُ

شمْسُ الظّهيرةِ قد بدَتْ للمُجْتَلي

وافَى من الفَتحِ المُبينِ بكلّ ما

بهَرَ العُقولَ ولمْ يدَعْ من مَعْقِلِ

ترْتاحُ أعْلامُ الجهادِ خَوافقاً

تهْفو بها ريحُ الصَّبا والشّمْألِ

هذا الجهادُ وإنّ مِثْلَك يقْتَدي

فيهِ بآثارِ النّبيّ المُرسَلِ

هذا الهُدى قد لاحَ نورُ صباحِهِ

يَهْدي سبيلَ الرُشْدِ كُلَّ مُضَلّلِ

هذي الفُتوحُ تجلُّ عنْ إخْفائِها

فالحالُ ناطِقَةٌ بشرْحِ المُجْمَلِ

وافَتْكَ خافِضةً لديكَ جناحَها

وعِمادُ مُلْكِكَ يسْتقِلّ ويَعْتَلي

فانْهضْ لِما قد شِئتَ غيرَ مُدافَعٍ

تفْتَحْ بسَعْدِكَ كُلّ بابٍ مقْفَلِ

حلّ العُداةُ بمأمَنٍ أجْهدتَهُمْ

فيهِ بيُمْنِ جِهادِكَ المُتقَبَّلِ

للهِ منكَ مناقِبٌ بصِفاتِها

طاولْتَ أمْلاكَ الزّمانِ الأوّلِ

لله منْكَ مكارِمٌ ومآثِرٌ

مَن للرّشيدِ بها وللمُتوكّلِ

وجْهٌ إذا لاحَتْ أشعّةُ نورِه

يُجْلى الدُجى بصباحِها المتَهلِّلِ

كفٌّ تعُمُّ القاصِدينَ هِباتُها

فتكُفُّ غائلَةَ الزّمانِ المُمْحلِ

تُنْضي حُسامَك في الوَغى فتخالُهُ

نهْراً بدَوْحٍ للقَنا متهَدِّلِ

وتهُزُّ ذابِلَك المقوَّمَ وهْوَ في

ليلِ العَجاجةِ كالشِّهاب المُشْعَلِ

فلأنتَ منصورٌ وسيْفُك قاهِرٌ

وحِماكَ مأمونٌ وقدْرُكَ مُعْتَلي

شيمٌ لأنصارِ النّبيّ حديثُها

يرْويهِ منكُمْ آخِرٌ عنْ أوّلِ

ولأهْلِ أندلُسٍ بكَ النّصْرُ الذي

وردُوا بهِ للفتْحِ أعذَبَ منْهَلِ

من مِثْلُ مَولانا الخليفةِ يوسُفٍ

ملِكٌ صِفاتُ كمالِه لمْ تُجْهَلِ

ملِكٌ يقسِّمُ حربَهُ أو سَلْمَهُ

بينَ الكتائِبِ والكتابِ المُنزَلِ

ما جالَ في آفاقِها متطلِّعاً

إلا وحَلّ كُلّ خَطْبٍ مُعْضِلِ

يا ناصرَ الدّين الذي بوجودِه

نادَى الهُدى بُشْرَى لكُلِّ مؤمِّلِ

أرسَلْتَ في الآفاقِ ديمَة رحْمةٍ

نَعِمَ الوجودُ بجَوْدِها المُسْتَرْسِلِ

ورفَعْتَ قدْرَ أخيكَ تاليكَ الرّضى

قُطْبِ الرّحى الأهْدَى أبي حسَنٍ عَلي

أتْبَعْتَهُ منْ جُنْدِ نصْرِكَ ما به

أوهَنتَ كيْدَ الكافِرِ المتحَيِّلِ

فرعَتْ ثَنايا المُعْتَدينَ كُماتُهُ

بعزائمٍ تمضِي مَضاءَ المُنصُلِ

وبك اهْتدى في الحرْبِ لمّا أن بدَا

والدّينُ قد آوَى لأمْنعِ مَوئِلِ

وبكَ اقْتدى في الرّوْعِ لمّا حلّ من

صدْرِ الكَتيبةِ في الرّعيلِ الأوّلِ

لما الْتَقى الجَمْعانِ في أرْضِ العِدى

ورمَيْتَ جمعَهُمُ ببأسٍ مُعْجِلِ

نادَى بأبْطالِ الجِهادِ ألا اقدُمُوا

وأجالَ فيهِمْ نظرةَ المتأمّلِ

فتسارَعوا طرّاً إلى داعِي الهُدَى

والرّومُ عن سُبُلِ النّجاةِ بمعزِلِ

ضاقَتْ عليْهِمْ أرضُهُمْ فتوقّفوا

والماءُ يجمَعُ نفسَهُ في الجَدولِ

وتجمّعتْ فِرَقُ العِدا ثمّ انثَنَتْ

ما بيْنَ مُنْهَزِمٍ وبيْنَ مُجَدَّلِ

شالَتْ نَعامَتُهُمْ سريعاً بعْد ما

وقَفوا وُقوفَ الخاضِعِ المتذَلّلِ

وتسلّلوا طوْعَ الفرارِ وجَمْعُهُمْ

قدْ رِيعَ بينَ مذلَّلٍ ومُضلَّلِ

وأتى وقد نالَ الذي قد شاءَه

من مَقْصَدٍ أسْنى وصُنْعٍ أجْمَلِ

فاهْنأْ بمَقْدَمِه الرّضى وحُلولِهِ

من دارِكَ العُلْيا بأشْرَفِ منزلِ

واهْنأ بأسْعَدِ موسمٍ وانعَمْ بهِ

فوُرودُهُ يقْضي بنَيْلِ المأْمَلِ

وإليْكَها يا خيْرَ مَن وثِقتْ يَدي

منهُ بأكْرمِ واهِبٍ مُتفَضِّلِ

وبِملْكِ رِقّي أيُّها المَلِكُ الرّضَى

لكَ لا بما أُبْدي لديْكَ توَسُّلي

لازِلتَ منْصورَ اللّواءِ مؤَيّدَا

تكْفي العِدَى في الحالِ والمستَقبَلِ