نفرت نومك الظباء الأوانس

نفّرَتْ نوْمَكَ الظِّباءُ الأوانِسْ

ونأتْ وهْيَ في الضلوعِ كوانِسْ

وانْثَنَتْ للوداعِ ثمّ تولّتْ

فغَدا القلْبُ بينَ راجٍ وآيِسْ

أينَ ربْعُ الحِمى سَقى فيه عَهْداً

قد ألِفْناهُ كُل عهْدٍ باجِسْ

معْهَدُ الأنْسِ للصّبا والتّصابي

باعِثُ الوجْدِ عندَهُ الفِكْرُ هاجِسْ

إذ تجلّتْ من الخُدورِ بدورٌ

فانجلَتْ فيه من دُجاها حَنادِسْ

وانثَنى الظّبْيُ فيه غيْر مَروعٍ

يتْرك الصّبْرَ شارِداً وهْوَ آنِسْ

مُجْتَلىً رائقٌ وطرْفٌ كَحيلٌ

وقَوامٌ لَدْنٌ وعِطْفٌ مائِسْ

أوُجوهٌ أمِ البُدورُ تجلّتْ

وقُدودٌ أمِ الغُصونُ مَوائِسْ

وخُدودٌ يُجْنى بِها الورْدُ لَولا

أنْ علَيْها من العُيون حَوارِسْ

وعُيونٌ تُصيبُ كُلَّ مُعنّىً

فكِلاها ما بينَ رامٍ ورامِسْ

فعْلُها في القُلوبِ إن لَحَظَتْها

أينَ منهُ فعلُ الكميِّ الممارِسْ

قد هدَتْ للغرامِ وهْيَ حَيارَى

وأتَتْ بالسُهادِ وهْيَ نواعِسْ

ولقد جدّدَتْ هَوايَ فتاةٌ

تركَتْ أربُعَ السُلوِّ دَوارِسْ

فالذي قاسَني بقَيْسٍ وقد ها

مَ بِلَيْلاهُ مُخْطئٌ في المَقايِسْ

آهِ يا راكِبَ المطّيَّةِ يَبْغي

مغربَ الشّمسِ قِفْ بها واسْتانِسْ

ولْتَسَلْ عن منازِلِ القومِ حلّوا

بينَ بحرٍ طامٍ وربْعٍ طامِسْ

أصْبحوا والقِبابُ فيها صُدورٌ

وهُمُ كالظّنونِ فيها هَواجِسْ

فإذا ما الغَمامُ جادَ بماءٍ

خِلْتَ فيها الرّمالَ وهْيَ مَقابِسْ

أفُقٌ تَبْسِمُ البوارِقُ فيه

لدُموعٍ من الغَمامِ بَواجِسْ

وكذا يوسُفٌ لدى الرّوْعِ يُلْفَى

باسِمَ الثّغْرِ والوجوهُ عَوابِسْ

جبلُ الفتحِ قد حلَلْنا لدَيْهِ

طَلَلاً موحِشاً بنا مُسْتانِسْ

يعْذُبُ الورْدُ فيهِ وهْوَ عذابٌ

مُرْسَلٌ للغَليلِ في القلْبِ حابِسْ

بمجاني الفَتحِ التي قدْ أُتيحَتْ

لجوادِ المجالِ بدْرِ المجالِسْ

ملكُ العُدْوَتَيْنِ شرْقاً وغَرْباً

مَنْ يُضاهِيه في العُلَى أو يُنافِسْ

يوسُفٌ ناصِرُ الخلائِفِ حقّاً

مَنْ يُجاري خِلالَهُ أو يُجانِسْ

يُنْجِزُ الوعْدَ والزّمانُ خَؤونٌ

ويوفّي الحُقوقَ والدّهْرُ باخِسْ

إنْ طَغى معْتَدٍ وصوّحَ مرْعىً

أسدٌ عابسٌ وغيْثٌ باجِسْ

صابَ غيثاً وصالَ ليْثاً وحيّا

صبْحَ هدْيٍ يجْلو الخُطوبَ الروامِسْ

لعَواليهِ في المَعالي حَديثٌ

صحّ إسْنادُهُ لأيْدي الفَوارِسْ

يتثنّى الخَطّيُّ منها فيجْلو

ظُلَمَ الرّوْعِ منهُ جِذوةُ قابِسْ

وكذا سَيفُهُ نَحيلٌ ولكن

تتجافَى عنهُ الأسودُ العوابِسْ

رقّ حتّى كأنّ منهُ بصدْرِ ال

غِمْدِ لوْ لمْ يَشِمْهُ سرٌّ هاجِسْ

هو فجْرٌ يجْلو الدّياجي مُنيرٌ

ومُثيرٌ من العَجاجِ حَنادِسْ

فيُريكَ الصّباحَ والليْلُ داجٍ

ويُعيدُ الظّلامَ واليوْمُ شامِسْ

كم جُموعٍ للغادِرينَ تلاشَتْ

في مجالِ الأسودِ منهُمْ هَجارِسْ

قد أفاقُوا منْ غفْلةٍ كان فيها

ناظِرُ الدّهْرِ عنهُم مُتَناعِسْ

ما لهُمْ والكَرى لدى الأسَدِ الوَرْ

دِ الذي تتّقي سُطاهُ الكَرادِسْ

دانَ بالغَدْرِ منهُمُ كلُّ باغٍ

حيثُ أمْسى وهْوَ الشّقيُّ البائِسْ

جرّ ذيْلَ الغُرورِ والتّيهِ حتّى

خلعَ الدّهْرُ عنهُ تلك المَلابِسْ

مَن غَدا المَكْرُ فيه طبْعاً يُنافي

شيَمَ المَكْرُماتِ كيفَ يُنافِسْ

حالِك الرّأي تحت بيضٍ مَواضٍ

يَنثني وهْوَ بينَ دامٍ ودامِسْ

فهُدَى اللهِ قد تَحامَى حِماهُ

ومَدا الحتْفِ قرّبتْهُ المداعِسْ

يوسُفٌ ناصرُ الهُدى كَفَّ منهُ

كَفَّ ناهٍ عنِ المكارِمِ ناهِسْ

يا إماماً بذكْرِه يتحلّى

ما عَلا من مَنابرٍ ومَدارِسْ

جبلُ الفتحِ قد أتَيتَ يُوالي

جُنْدُك السيْرَ نحوَهُ ويُوالِسْ

وأحاطَتْ بهِ كتائِبُ تُنْمى

لعُلَى اليوسُفيِّ غُلْبٌ أشاوِسْ

بذلَتْ في رِضى عُلاكَ نُفوساً

قد أبَتْ أن تذِلّ وهيَ نفائِسْ

وجَلَتْ أوجُهُ الحُروبِ علَيْهِ

أينَ منها حُروبُ جَلوى وداحِسْ

طالما كان في نعيمٍ مُقيمٍ

وعليْهِ من ظِلِّ أمْنِكَ حارِسْ

تألَفُ السُهْدَ كيْ تؤمّنَ منهُ

في رِضى اللهِ كلّ جَفْنٍ ناعِسْ

صارَ إرْثاً منَ الغنيّ لعَلْيا

ئِكَ ما شادَهُ عليٌّ وفارِسْ

وقضى اللهُ أن تنكّرَ حِيناً

طوْعَ حادٍ في القومِ للمَكْرِ حادِسْ

كُلُّ هذا لأن يُرى لكَ مِلْكاً

برقاقٍ فوارِثٍ وفَوارِسْ

وتُوَقّي الخُطوبَ وهْيَ عوادٍ

وتُوَفّي الحُقوقَ وهْيَ بواخِسْ

هذه منحةٌ أعزُّ وأسْنى

كلُّ مَلْكٍ منها خِلافكَ آيسْ

كُلُّ منْ أمَّها ورامَ سِباقاً

في مداهَا لقَصْدِه الدّهرُ عاكِسْ

طالَما روّعَ الحوادِثَ قهْراً

ذو أناةٍ لِلَأْمَةِ الصّبْرِ لابِسْ

ولكمْ بتَّ إذْ حلَلْتَ حِماهُ

كافياً من مُنافقٍ ومُنافِسْ

بمُعاطٍ كاسَ الحُتوفِ عِداهُ

مُرْغِمٍ بالفتوحِ منهُمْ مَعاطِسْ

وخميسٍ حفّوا بهِ حيثُ يُرْجَى

موْرِدُ الأمْنِ كالعِشارِ الخَوامِسْ

وتلقّوْكَ والعُيون تُوالي

نظَر الخوْفِ والرَّجا وتُخالِسْ

ذنبهُمْ يوحِشُ النفوسَ ولكنْ

منكَ بالحِلْمِ والرّضَى تسْتانِسْ

فتجلّى صَباحُ عفْوِكَ يمْحو

من دُجَى الذّنْبِ كلّ ليْلٍ دامِسْ

وهَمَى من نداكَ صوْبُ غمامٍ

أينَ منهُ نَدى الغُيوثِ الهواجِسْ

وأخوكَ المعزُّ أينَ حُلاهُ

في العُلى منْ حُلا المُعزِّ بنِ بادِسْ

جَدَّ للفتْحِ في رضاكَ فكَمْ جدْ

دَدَ للنّصْرِ منْ عُهودٍ دَوارِسْ

فهنيئاً لكَ الحُلولُ بأفقٍ

في مَعاليهِ ما لهُ من مجانِسْ

غرَسَ الجودُ منكَ دوْحةَ عزٍّ

وستَجْني ما جُودُ كفّكَ غارِسْ