هي الديار فما تبدو بواديها

هيَ الديارُ فَما تبْدو بَوادِيها

إلا اهْتَدى كُلُّ هَيْمانٍ بِوادِيها

مَعاهِدٌ قُدِّسَتْ أرْضاً فقدْ ضمِنَتْ

رِفْداً لقاصِدِها وِرْداً لصادِيها

كمْ قد دعَتْنا إلى السُقْيا موارِدُها

وإنْ عدَتْنا عنِ اللُّقْيا عَوادِيها

أهْدَتْ بطيِّ صباها من صَبابَتِنا

أمانةً ليْتَ شِعْري هلْ تُؤَدّيها

كمْ قُلّبَتْ من قُلوبٍ في أباطِحِها

وكمْ تشكّتْ نَواها في نَوادِيها

فالوجْدُ جدَّ بها لوْ كان يُنْجِدُها

والصّبرُ لاذَتْ بهِ لو كان يُجْديها

هذا وإنّا إلى عَذْراءَ قد وفدَتْ

ترْتاحُ شوْقاً وبالأرْواحِ نَفْديها

عقيلةٍ قد تجلّى حُسْنُها فجَلا

مِرآةَ فِكْري فليْسَ الدّهْرُ يُصْديها

تختالُ مَوْشيّةَ الأبْرادِ رُبّتَما

وَشَى بها وشْيُها لوْلا تَهادِيها

نادَيْتُها جودِي ومُبْتَذَلٌ

فِينا نَداها كَما قدْ عزّ نادِيها

إنّ المنادى هو الممْطولُ وا عجَباً

ما بالُ هاتيكَ ممْطولٌ مُناديها

للهِ هادٍ إلى قصْدِ السّبيلِ هَدَى

أفْكارَ فكْري بما منها يُهادِيها

أرْواحُنا جعلَتْ ذُخْراً محَبَّتَها

تُريحها يوْمَ يبْديها تَنادِيها

شريفةُ المنتَمى في الآخرينَ أتَتْ

وأحْرَزَتْ منتَهى العَلْيا مَباديها

صدّتْ طَويلاً ولكنْ عندَما رضيَتْ

أضْحى إلى مُرْتَضى اللُّقْيا تَصدّيها

سِبْطُ النبيّ حَباني من عَقائِلِه

ببِنْتِ فِكْرٍ يَروقُ السمْعَ شادِيها

مُثيرةٌ بالْتِماسِ الرّفْدِ منْ علَمٍ

ما ضلّتِ الخَلْقُ قَصْداً وهْو هاديها

قد لاحَ بالرّبْوةِ الحمراءِ شمسَ هُدىً

فليْسَ يخْفى عنِ الأبْصارِ باديها

فما قبضْنا اللُهى لوْلا مكارمُها

ولا بسَطْنا يَداً لوْلا أيادِيها

هذِه الخِلافةُ قد أعْلى معالِمَها

فأيْنَ مَهديُّها منهُ وهاديها

هذِي البلاغةُ إنْ وافَتْ كتائِبُها

يكُفُّ قُسُّ إيادٍ بَطْشَ أيْديها

هذي السّماحةُ إنْ جفّتْ موارِدُها

من كفِّ حاتِمِها تَندَى غَواديها

هذي المعارفُ إنْ ضلّتْ كواكِبُها

أشعّةُ الصُبْحِ تَهديها وتُهْديها

هذي العُفاةُ إذا تغْدو مؤمّلَةً

هذي العُداةُ إذا يَبْدو تعَدّيها

يَجودُها سَيْبُهُ طوْعاً ويُرفِدُها

يرُدُّها سيْفُهُ قهْراً ويُرْديها

سنا تهَلُّلِهِ بادٍ لسائِلِهِ

إنّ البروقَ غَواديها تُعاديها

فكلُّ بارقةٍ للجودِ يُبْدِعُها

وكُلّ شارقةٍ للبِشْرِ يُبْديها

هل نعْمةٌ أو يدٌ تأتي وقد سلفَتْ

إلا وناصرُ دين اللهِ مُسْدِيها

المُنْعِمُ الملِك الأعْلى الذي وكفَتْ

كفّاهُ جوداً وقدْ كُفَّتْ أعاديها

ثَنى لبذْلِ النّدى في الخلْقِ راحَتَهُ

فظلّ رائِحُها يُثْني وغاديها

لازالَ موْلايَ يُبْدي من مَكارِمِه

ما يُبْهِجُ الدّينَ والدنيا تَماديها

حَمائِمُ الفكْرِ في روْضِ النّظامِ غدَتْ

صوادِحاً بالنّدى تَرْوي صوادِيها