أظهر جمالك للعيون وأبده

أَظهِر جَمالَكَ لِلعُيونِ وَأَبدِهِ

وَصِلِ الوِدادَ لِمَن رضاكَ بوُدِّهِ

فحُسامُ هَذا الجفنِ مُذ جَرّدتَهُ

في الناسِ زادَ بِضَربِهِ عَن حَدِّهِ

وَإِلامَ صَبُّكَ بِالجَفا في عَكسِهِ

وَتَزيدُ عَن بابِ الرِضى في طَردِهِ

وَتَسيلُ أَدمُعُهُ إِذا فارَقتَهُ

وَإِذا وَصلتَ بَكى مَخافَةَ صَدِّهِ

فَعَلى كِلا الحالينِ طِفلُ غَرامِهِ

ما نالَ مِن وَصلٍ بلوغَ أَشُدِّهِ

أحصي لَيالي البينِ في حِسبانِهِ

فَأجِزهُ عَن بابِ الصُدودِ وَعَدِّهِ

وَمهفهفٍ في عارضَيهِ جَنَّةٌ

نَبَتَت عَلى نيرانِ صَفحَةِ خَدِّهِ

لَمّا رأى الأَلحاظَ تَرشُقُ خَدَّهُ

جاءَ العذار مقدّراً في سَردِهِ

وَمِنَ المَصائِبِ أَنَّهُ نسلُ الخطا

وَهوَ الَّذي قتلَ المحبَّ بِعَمدِهِ

وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ سَيفَ لِحاظِهِ

جَرَحَ القُلوبَ وَما بَدا مِن غِمدِهِ

إِن ماسَ تَجري مُقلَتي بِدِمائِها

فَكَأَنَّني فيها طُعِنتُ بِقَدِّهِ

غَلَبَ النُحولُ عَليَّ حَتّى إِنَّني

حاكَيتُ رِقَّةَ خَصرِهِ أَو بَندِهِ

وَلَقَد نَثَرتُ مَدامِعي فَتَنَظَّمَت

في ثَغرِهِ أَو جيدِهِ أَو عِقدِهِ

إِنّي بُليتُ بِمَن أَرومُ وِصالَهُ

وَأَخافُ والدَهُ وَسَطوةَ طَردِهِ

وَالحسنُ صَيَّرَهُ يتيهُ بِحَظِّهِ

فَطَويلُ هَجري مِن أَبيهِ وَجَدِّهِ

عمري لَئِن تاهَ الحَبيبُ بِحُسنِهِ

فَالعاشِقُ المَهجورُ تاهَ بِسَعدِهِ

السَيّدُ الراقي عَلى أَنظارِهِ

شَرَفاً فَكَيفَ رُقيُّهُ عَن ضِدِّهِ

نَجلُ العُلا وَالفَخرِ نادِ بِفَضلِهِ

يَسمَع فَتَربَح يا خَسارَةَ نِدِّهِ

حامي المَعالي لَم يَزَل مُتَيَقِّظاً

مُذ كانَ طِفلاً راقِداً في مَهدِهِ

جَمَعَت مَهابَتُهُ سَخاءَ يَمينِهِ

كَالغَيثِ يَهمي مَع بَوارِقِ رَعدِهِ

مُتَعَفِّفٌ والأَريحيَّةُ خُلقُهُ

يَهتَزُّ لَكِن لَم يَغِب عَن رُشدِهِ

مَولىً يَزيدُ تَرَقِّياً في غايَةٍ

نَقَصَ الوَرى عَنها وفاقَ بِجَدِّهِ

لَم يَقلِ طلّابَ النَدى مِنهُ وَلَم

يَرجِع مُسائِلُهُ بِكسرَةِ رَدِّهِ

يَتَيَقَّنُ الراجي اليَسارَ لِقَصدِهِ

لِلبَحرِ أَن مَدَّ اليَمينَ لمدِّهِ

مِن أسرةٍ أَسروا الخُطوبَ وَأَطلَقوا

بِالجودِ مَن أَسَرَتهُ قلّةُ وُجدِهِ

وَكفاهُمُ فَخراً بِسَعدِهمُ الَّذي

لَم يُبقِ مَكرُمَةً تَجي مِن بَعدِهِ

يُفدى بِكُلِّ مُسَوَّدٍ في دَستِهِ

تَصفَرُّ خَوفَ الجودِ حمرةُ جِلدِهِ

مِن كُلِّ بَسّامِ الثَنايا وَهوَ قَد

هاجَت بَلابِلُ صَدرِهِ من حِقدِهِ

حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيَهُ

غَيظَ الأَسيرِ عَلى قَساوَةِ قدِّهِ

يا طالِباً لِلمَكرُماتِ مُجاهِداً

وَعَطاءُ سَعدِ الدينِ أَقصى قَصدِهِ

إِقصِد لَهُ واِسأَلهُ تُعطَ وَتَغتَنِم

وَتَعيشُ مَهما عِشتَهُ في رفدِهِ

حَيثُ السَماحَةُ وَالحَماسَةُ وَالتُقى

كَالعِقدِ أَحسنَ ناظِمٌ في عَقدِهِ

حَيثُ النَدى وَالعِفَّةُ اِجتَمَعا كَما

مُزِجَ الزُلالُ بِخالِصٍ مِن شَهدِهِ

حَيثُ الذَكا نارٌ يُقابِلُها النَدى

مِنهُ لِيَمنَعَ زندَها مِن وَقدِهِ

حَيثُ اليَراعَةُ في المَهارِقِ أَشبَهَت

غُصنَ الرِياضِ تَفوحُ نسمةُ وَردِهِ

قَلَمٌ تَصَرَّفَ في المَمالِكِ صادِراً

عَن أَمرِ مالِكِهِ لأَصغى وردِهِ

يا حُسنَهُ في كَفِّهِ قَصَباً حَلا

ذوقاً وَأَطربَ مسمعاً مِن وَفدِهِ

مُبيَضُّ وَجه القَصدِ محمرُّ الشَبا

يَخضَرُّ حينَ السَبحِ في مسوَدِّهِ

وَإِذا عَلا شرفَ المَهارِقِ منبراً

خطبَ الغِنى في أَسوَدٍ مِن بُردِهِ

حَيثُ السُطورُ عَلى الطروسِ نَوافِذٌ

أَحكامُها وَالدهرُ أَوَّلُ جندِهِ

مِن كُلِّ حَرفٍ مِثلِ سَيفٍ خاطِفٍ

بَصَر العِدا كالبَرقِ لَمعُ فرِندِهِ

حَيثُ البَلاغَةُ لا يَجوزُ مبهرجٌ

إِلّا وَيَظهَرُ زيفُهُ في نَقدِهِ

وَلَهُ الفَضيلَةُ إِذ يبين صَوابنا

في مَدحِهِ فَكمالُنا مِن عِندِهِ

يا ناظِرَ الخاصِ الشَريفِ العامُ قَد

وافى إِلَيكَ بِمَدحِهِ وَبِحَمدِهِ

هَنّاكَ وَهوَ بِكَ المعيّنُ لِلهَنا

وَبَقاكَ في نِعَمٍ تَدومُ بودِّهِ

مَولايَ هذي خدمَةٌ قَد قصّرت

فالصَفحُ يا مَخدومُ عَنها أَبدِهِ

مَدحٌ إِذا نُشِرَت حَواشي بُردِهِ

لَم يُستَمَع رأيُ الحسودِ برَدِّهِ

السَمعُ والإِصغاءُ جائِزةٌ لَهُ

فأَجِزهُ يا مَولى المَديحِ بِقَصدِهِ

وَإِذا أَحبَّكَ مَن يَراكَ تَسودُهُ

كانَ الدُعا وَالمَدحُ غايَةَ جهدِهِ

فاِنعَم ودُم واِغَنَم وَعِش في راحَةٍ

وَدَعِ الحَسودَ لِهَمِّهِ ولكدِّهِ

فَرَجاي أَن يُبقيكَ رَبُّك سالِماً

وَاللَهُ أَقرَبُ مُرتَجى مِن عَبدِهِ

فَلِمَن غَدا يَشناكَ غايَةَ تَعسِهِ

وَلِمَن غَدا يَهواكَ غايَةَ سَعدِهِ