سرى والدراري ثغره وعقوده

سَرى وَالدراري ثغره وَعقودُهُ

خَيالٌ وَفَت لي بِالوصال عقودهُ

وَما زارَني إِلّا كلمحة بارِقٍ

وَعُدتُ إِلى سهدي وَعاد صدودُهُ

يزوِّرُهُ بَدرٌ عَزيزٌ مَنالُهُ

فَكلّ محبّ بِالغَرام شَهيدهُ

مُهَفهفُ قدٍّ مترفُ الجسم أغيدٌ

تَكاد عقود الغانِيات تؤودهُ

هِلالٌ وَلَكِنَّ القُلوب مَحلُّهُ

غَزالٌ وَلَكِن العذار زرودهُ

لَهُ مِن سَنا الخدّ البهيّ نضارُهُ

وَمن نظَرِ اللّحظ القَويّ حديدهُ

وَلمّا اِستَقَلَّ الرَكبُ بِالصَبر راحِلاً

غَدَوتُ كَأَنّي في الجَوى أَستَزيدهُ

فَما الروضُ في ثَوبٍ كَسَتهُ يَد الحَيا

فَرقَّت حَواشيهِ وَراقَت برودهُ

بِأظرفَ مِن أَخلاقِهِ وَحَديثِهِ

وَلا سيّما لَمّا تَرَنَّمَ عودهُ

أَبدرَ الدّجى مَهلاً ورفقاً بمدنفٍ

جَفاك شَقاه وَالوِصالُ سعودهُ

قَد اِصفرّ في يَوم القِلى منك جسمهُ

وَما اِخضرَّ في يَوم اللقا بك عودُهُ

فَلا وَقَوامٍ مِنكَ يهتزّ كاللوا

ذَوائِبُكَ اللّاتي عُقِدنَ بُنودهُ

وَجفنٍ كَسَيفٍ وجنتاكِ فرِندُهُ

صَقيلٍ وَلَكِنّ القلوب غمودهُ

وَثَغرٍ بِهِ ماء الحَياة وَدُرُّها

وَلَكِن لخضر الخدّ مِنكَ ورودهُ

وَأَيّامِ وَصلٍ ما سواك يُعيدها

لِصبٍّ سَقيم ما سواك يعودهُ

لَقَد ضَلَّ عَقلي في هَواكَ وَلَم يفِد

وَحقّك من هَذا النَسيبِ نَشيدُهُ

وَما ليَ ذنبٌ غير أَنّي متيّمٌ

حليفُ جوىً صَبُّ الفؤادِ عميدهُ

فَيا ناهِباً مِن مُقلَتي سِنَةَ الكرى

فِدىً لك مَنهوبُ الرقاد شريدهُ

وَيا وَعدَ من أَهواه ما لَكَ مُخلفاً

وَأَنتَ منى قَلب المَشوقِ وَعيدهُ

عَسى قَلبُ مَن يَهوى تنعِّمُ بالهُ

أَيادي الرضى عَبدِ العَزيز وَجودُهُ

فَللملك المَنصور في الأَرضِ كلّها

ثَناءٌ إِلى أفق السَماء صعودُهُ

مَليكٌ لَهُ في الخافقَينِ مآثِرٌ

يَدوم بِها طولَ الزَمان وجودُهُ

ومولىً عَلا قَدراً وَرأياً وَمَنزِلاً

وَبَيتاً وَأَصلاً واضِحاتٍ سعودهُ

أَضافَ إِلى البِشرِ المَهابَة وَالنَدى

كَغيث تَوالى بَرقه وَرعودهُ

وَمدّ يَد الجَدوى لِمُثنٍ وَجاحدٍ

سواء لَديهِ شاكِرٌ وجحودهُ

فَأَمّا الَّذي يُثني فَيَزدادُ شكرُهُ

وَبالشكرِ حَقّاً يَستَزيدُ مَزيدُهُ

وَأَمّا الَّذي مِن شأنه الجحدُ فَهوَ لا

يَزال إِلى أَن يَضمحلَّ جحودهُ

كَذا فَليَكُن جودُ الملوك ومن يَكُن

لَهُ غَيرُ هَذا مَلكٌ مات جودهُ

ومن لَم يدبِّر هَكَذا اِنهَدَّ رُكنُهُ

وَهَذا بحسنِ الرأيِ يَقوى مَشيدهُ

وَمَن كانَ مَنسوباً لصحب محمّد

فَللفلك الأَعلى يَكون صعودهُ

حَميدُ السَجايا يَملأ العينَ بَهجَةً

لَقَد فازَ مَحمود المَقال حَميدُهُ

لَهُ قَلمٌ في مدَّة من مداده

غنى الدهر أَو قمعاً يَراه حسودهُ

يَفوح وَيُجنى يطربُ الصَحبَ يَطعَنُ ال

عدى فَعَلى الأَحوال بورك عودهُ

وَحِلمٌ يحكُّ الشامِخاتِ عمودُهُ

وَبأسٌ يَدُكُّ الراسِياتِ جَليدهُ

إِلَيكَ أَميرَ المُسلمين بعثت ما

يَنوب مَنابي في التَحايا ورودهُ

قَصيداً يَروق السمع إِن يصغِ مُنصِتٌ

إِلَيها يقُل قَد قال صِدقاً قَصيدُهُ

مَدَحتُك حُبّاً في فَضائِل جُمِّعَت

لديك فَقَلبي لِلسماع عَميدهُ

وَأَرسَلتُها مِن مصر من بعد أَن سَعَت

وَطافَت بِبَيتٍ قَد تَعاظَم عيدهُ

دَعَوتُ لَكُم بِالنَصر في كُلِّ مَشهَدٍ

وَكَم مشعَرٍ قَد طاب فيكم شهودهُ

فعزّك لا ذلٌّ يُلاقيهِ دائِماً

وَملكك في الدُنيا يَدوم خلودهُ