أيا رشاقة غصن البان ما هصرك

أيا رشاقةَ غُصْنِ البان ما هَصَرَكْ

ويا تألُّفَ نظم الشمل مَنْ نَثَرَك

ويا شؤوني وشأني كُلّهُ حَزَنٌ

فُضّي يَواقِيتَ دَمعي واحبِسي دُرَرك

ما خِلتُ قَلبي وَتَبريحي يُقَلِّبُهُ

إلا جناحَ قطاةٍ في اعتقال شَرَك

لا صبرَ عنكِ وكيف الصبر عنكِ وقد

طواكِ عن عينيَ الموجُ الذي نَشَرك

هلّا وروضةُ ذاك الحسنِ ناضرةٌ

لا تلحظُ العينُ فيها ذابلاً زَهَرك

أماتكِ البحرُ ذو التيَّار من حَسَدٍ

لمّا دَرَى الدرُّ منه حاسداً ثَغرك

وَقَعتُ في الدَّمعِ إِذ أُغْرِقتِ في لُجَجٍ

قَد كادَ يَغمِرُني مِنهُ الَّذي غَمَرَك

أَيَّ الثَّلاثَةِ أَبكي فَقْدَهُ بِدَمٍ

عميمَ خُلقِكِ أم مَعناكِ أم صِغَرَكْ

من أين يَقْبَحُ أن أفنى عليكِ أسى

والحسنُ في كُلِّ فَنُّ يَقتَفي أثَرَكْ

كُنتِ الشَّبيبةَ إذْ وَلَّتْ ولا عِوَضٌ

منها ولو رَبحَ الدُّنيا الَّذي خَسِرَك

ما كنتُ عنكِ مطيلاً بالهوى سَفَري

وقد أطَلْتِ لِحَيْني في البلى سَفَرك

هل واصلي منكِ إلا طيفُ ميّتَةً

تُهْدي لعينيَ من ذاك السكونِ حَرَك

أُعانقُ القبر شوقاً وهو مشتَمِلٌ

عليكِ لو كنتُ فيه عالماً خَبَرَك

وددتُ يا نورَ عيني لو وَقَى بَصَري

جَنادِلاً وتُراباً لاصِقا بشَرَك

أقولُ للبحر إذ أغشيتُهُ نظري

ما كَدّرَ العيشَ إلا شُرْبُها كَدَرك

هلا كففتَ أُجاجاً منك عن أُشَرٍ

من ثَغْرِ لمياءَ لولا ضعفها أسرك

هلا نظرتَ إلى تفتير مُقْلَتِها

إني لأعجبُ منه كيف ما سَحَرَك

يا وَجْهَ جوهرةَ المحجوبَ عن بَصَري

من ذا يقيكَ كسوفاً قد علا قَمَرَك

يا جِسمَها كَيفَ أَخلو من جوى حَزَني

وأَنتَ خالٍ مِنَ الرّوح الَّذي عَمَرك

ليلي أطالَكَ بالأحزانِ مُعْقَبَةً

عليّ مَنْ كانَ بالأفراح قد قَصَرَك

ما أغْفَلَ النائمَ المرموسَ في جدثٍ

عمّا يُلاقي من التَّبريح مَنْ سَهِرك

يا دُولةَ الوصلِ إن ولّيتِ عن بصري

فالقلبُ يقرأ في صُحْفِ الأسى سمَرك

لَئِن وجدتُكِ عَنّي غيرَ نابيَةٍ

فإنّ نفسيَ منها ربُّها فطرك

إِن كانَ أَسلَمكِ المضطَرُّ عن قَدَرٍ

فلم يخنْكِ على حالٍ ولا غَدَرَك

هل كان إلا غريقاً رافعاً يَدَهُ

نهاهُ عن شُرْبِ كاسٍ مَن بِها أَمَرَك

أَما عَدَاكِ حِمامٌ عَن زيارتِهِ

فكيفَ أطْمَعَ فيك النفسَ وانتظَرَك

إِن كانَ للدَّمع في أرجاءِ وَجنَتِهِ

تبرّجٌ فهو يبكي بالأسى خَفَرك

وما نَجوتُ بِنَفسي عَنكِ راغِبَةً

وإنّما مَدّ عُمْري قاصرٌ عُمُرَك