من كان عنه يدافع القدر

مَن كانَ عنهُ يدافِعُ القَدَرُ

لم يُرْدِهِ جنٌّ ولا بَشَرُ

وثَنى الرَّدى عنهُ الرَّدى جَزَعاً

وسَعَتْ على غيراتهِ غِيَرُ

وَرَمَى عِداهُ بكلِّ داهيَةٍ

دهياءَ لا تُبقي ولا تذَرُ

لا عيبَ فيما كانَ من جَلَلٍ

يَجري بِكُلِّ مُقَدَّرٍ قَدَرُ

إنَّ الملوكَ وإنْ هُمُ عَظُموا

تُغْرَى العُداةُ بِهِم وَإِن حَقَروا

والغَدْرُ قد مُلِئَ الزَّمانُ به

قِدماً وكم نَطَقَتْ بهِ السيَرُ

وأولو المكايدِ إنْ رأوا فُرصاً

ركبوا لها العزَماتِ وابتدروا

والمُصطَفَى سَمّتْهُ كافِرَةٌ

لِتُضيرَهُ أو مسّهُ الضّررَ

وعَلا مُعاويةً بِذي شُطَبٍ

عند الصّباحِ لِشَجّهِ غُدَرُ

وعصابَةٍ لِلْحَينِ قادَ بها

ظُلْمُ النّفوسِ وساقَها الأشَرُ

حَتَّى إِذا ظَنُّوا بأنَّهُمُ

رَبِحوا وأنْجَحَ سَعْيُهُمْ خَسِروا

وَرَدوا الحتُوفَ وبئسَ ما وَرَدوا

لَكِنَّهمْ ورَدوا وما صَدروا

مثلَ الفراشِ تَقَحّمَتْ سُعُراً

فانظرْ إلى ما تَصنَعُ السُّعرُ

خُذلِوا وما نُصروا على مَلِكٍ

ما زالَ بالرّحمنِ يَنتَصِرُ

ردّوا المكايدَ في نُحورِهِمُ

عن عادِلٍ بسيوفِهِ نُحروا

كانَ ابتداءُ فسادِهِمْ لهُمُ

وَعَلَيهِمُ بِصَلاحِهِ الخبَرُ

رفعوا عيُونَهُمُ إلى قَمَرٍ

فَرَماهُمُ برُجُومِهِ القَمَرُ

صَبَّ الحديدَ عليهِمُ ذَرِباً

فكأنّهُمْ من حولهِ جَزَرُ

عَجباً لهم بُطِنُوا بعَيشهِمُ

وَبِقَتلِهمْ إذْ صُلِّبوا ظَهروا

يَبِسَتْ جُذوعُهُمُ وهُم ثَمَرٌ

للضُّبْعِ أينعَ ذلك الثّمَرُ

مِن كُلِّ رابٍ سَلهَبٍ رَسخَتْ

منهُ القوائمُ ما له حُضُرُ

وَكَأَنَّما الحرباءُ مِنهُ علا

عوداً ونارُ الشمسِ تَستَعِرُ

أوَ ما رَأَوْا يحيَى سعادَتُهُ

وقفٌ عليها النّصْرُ والظّفَرُ

إِنَّ الزّمانَ خَديمُ دَولَتِهِ

يُفني أعاديها وإنْ كَثُروا

مَلِكٌ على الإسلامِ ذِمّتُهُ

سِتْرٌ مَديدٌ ظِلّهُ خَصِرُ

سَمْحٌ تَبَرّجَ جودُ راحتهِ

لعفُاته ولعِرضه خفَرُ

ذو هيبَةٍ كالشّمْسِ مُنْقَبِضٌ

عنها إِذا انبَسَطَتْ له النّظرُ

والعَدلُ فيها والتّقى جُمِعَا

فَكأَنَّ ذا سَمعٌ وذا بَصَرُ

خَفَضَ الجناحَ وخَفْضُهُ شَرَفُ

وعلى السِّماكِ علا له قَدرُ

مُتَيَقّظُ العَزَمات تحسبُها

ينتابُها من خَوْفِهِ السّهَرُ

كَالسَّيفِ هُزَّ غِرارُهُ بِيَدٍ

لِلضَّربِ وهوَ مُصَمِّمٌ ذكَرُ

وكأنّ طيبَ ثنائِهِ أرجٌ

عن روَضِهِ يَتَنَفّسُ السّحَرُ

تَنْمي على الأعداءِ عَزْمَتُهُ

والزّندُ أوَّلُ نارِهِ شرَرُ

وكأنّ ركنَ أناتِهِ سَبَلٌ

بموارِدِ المَعروفِ يَنفَجِرُ

يا فاتِكاً بِعُداتِهِ أبداً

إنّ الذِّئابَ تُبيدُها الهُصُرُ

شُكراً فَإِنَّ السَّعْدَ مُتَّصِلٌ

وُصِلَتْ بهِ أيّامُكَ الغُرَرُ

واسْلَمْ فَإِنَّكَ في الندى مَطَرٌ

يَمحُو المحولَ ولِلهدى وَزَرُ