نحن في جنة نباكر منها

نحنُ في جَنّةٍ نُباكِرُ منها

ساحِلَيْ جَدْوَلٍ كسَيفٍ مُجَرّد

صَقَلَتْ مَتْنَهُ مداوسُ شمسٍ

مِن خِلالِ الغُصونِ صَقلاً مُجدَّد

ومُدامٍ تطيرُ في الصحنِ سُكراً

فتُحَلّ العقُودُ منها وتعقد

جِسمُها بالبَقاءِ في الدنِّ يَبلى

وقُواها مع اللّيالي تَجَدّد

وإذا الماءُ غاصَ في النّارِ منها

أخرجَ الدُّرَّ من حبابٍ مُنَضَّد

يا لها من عصيرِ أوّلِ كَرمٍ

سَكِر الدّنُّ منه قِدَماً وعَربَد

جنّةٌ مَجّتِ الحَيا إِذ سَقاها

مُصْلِحٌ من غَمَامِهِ غيرُ مُفسِد

قَد لَبِسنا غلائلَ الظِلّ فيها

مُعْلَماتٍ منَ الشعاعِ بِعَسجَد

ورَأَينا نارِنجَها في غُصونٍ

هَزّتِ الرّيحُ خُضْرَها فهيَ مُيّد

كَكُراتٍ مُحْمَرّةٍ من عَقيقٍ

تَدَّريها صوالِجٌ من زَبَرجَد

وَكَأنّ الأَنوارَ فيها ذُبَالٌ

بِسَليطٍ منَ النّدى تَتَوَقّد

وكأنّ النّسيمَ بالفرج يُفْشِي

بينَ رَوضَاتِها سرائرَ خُرّد

حَيثُ نُسْقَى مِنَ السُرورِ كُؤوساً

ونُغَنّى منَ الطُيورِ ونُنْشَد

ذو صفيرٍ مُرجَّع أو هديلٌ

أسَمِعْتُم عنِ الغَريضِ ومَعْبَد

شادِياتٍ تُمسي الغُصونُ وتُضحي

رُكّعاً للصَّبَا بِهِنَّ وسَجّد

كان ذا والزمانُ سَمْحُ السجَايا

بِبَوادٍ منَ الأَماني وعُوّد

والصِّبا في مَعاطِفي وكَأنِّي

غُصُنٌ في يدِ الصَّبا يَتَأَوَّد