تنبأ المتنبي فيكم عصرا

تنبّأ المتنَبّي فيكُمُ عُصُرا

ولو رأى رأيكم في شعِره كفَرا

مهْلاً فلا المتنبّي بالنبيّ ولا

أعُدُّ أمثالَهُ في شعره السُّوَرا

تِهْتُمْ علينا بمرآه وعلَّكُمُ

لم تُدركوا منه لا عَيناً ولا أثَرا

هذا على أنّكُم لم تُنصِفوه ولا

أورثتموه حميدَ الذكر إن ذُكِرا

وَيْلُمِّهِ شاعراً أخمَلتْمُوه ولم

نَعلمْ له عندنَا قدْراً ولا خَطَرا

فقد حَمَلتُمْ عليهِ في قَصائِدِهِ

ما يُضْحِكُ الثَّقَلَينِ الجِنَّ والبشَرا

صَحَّفْتُمُ اللّفظَ والمعنى عليهِ معاً

في حالةٍ وزعمْتُمْ أنّه حَصَرا

إذ تُقسِمونَ بَرأسِ العَيرِ أنّكُمُ

شافَهْتُموهُ فهل شافَهتم الحَجَرا

فما يقولُ لنا القرطاسُ ويلكُمُ

إنّا نَرَى عِظَةً فيكُم ومُعتَبَرا

شعراً أحَطتُمْ بهِ عِلماً كأنّكُمُ

فاوضْتُمُ العِيرَ في فحواهُ والحُمُرا

فلو يُصِيخُ إليكم سمْعُ قائِلِهِ

ما باتَ يعمَلُ في تحبيرِه الفِكَرا

أريتموني مثالاً من روايتكم

كالأعجميِّ أتى لا يُفصِحُ الخَبرا

أصَمُّ أعْمى ولكنْي سهِرْتُ لهُ

حتى رددتُ إليهِ السمعَ والبصَرا

كانتْ معانيه ليلاً فامتعضْتُ لَهُ

حتى إذا ما بَهرنَ الشمسَ والقمرا

ضَجرتُمُ وأتانا من مَلامكُمُ

ومن معاريضِكُم ما يُشبهُ الضَّجَرا

تَتْرَى رسائلُكم فيه ورُسْلُكُمُ

إذا أتَتْ زُمَراً أردفْتُمُ زُمَرا

فلو رأى ما دهاني من كِتابِكُمُ

وما دها شِعْرَهُ منكم لما شَعُرا

ولو حَرصْتُم على إحياء مُهْجَتِهِ

كما حرَصْتُم على ديوانه نُشِرا

هَبُوا الكِتابَ رددْناهُ برُمَّتِهِ

فمن يرُدُّ لكُم أذهانَهُ أُخَرا

لئن أعدْتُ عليكمُ منْهُ ما ظَهَرا

فما أعَدْتُ عليكُمْ منْه ما استترا

أعَرْتُموني نفيساً منه في أدَمٍ

فمَن لكم أن تعاروا البحثَ والنظَرا