نسيم الصبا عرج بأكناف نعمان

نَسِيمَ الصِبا عَرِّج بِأَكنافِ نَعمانِ

وَصَرِّف لِأَحبابي غرامي وَأَشجاني

وَخُذ مِن سَلامِي نَفحَةً تَنثَني بِها

لِلُقياكَ أَعطافٌ مِنَ الرندِ وَالبانِ

تَوَصَّل بِإِخلاص المَحبَّةِ نَحوَهُم

تُلاقِ لَدَيِهم كُلَّ عَطفٍ وَتَحنانِ

وَإِن سَأَلُوا ماذا النُحول فَقُل لَهُم

حَنِيني لَما يَلقى المُحِبُّونَ أَضناني

تَحمَّل إِلى تِلكَ الأَباطِحِ وَالرُبى

تَحيّةَ خَفّاقِ الجَوانِحِ وَلهانِ

رِياضٌ كَأَنَّ الرَوضَ فِيها عَرائِسٌ

تُحلّى بِأَسماطٍ وَتُجلى بِتِيجانِ

تَدَفَّقَ فِيها كُلُّ أَزرَقَ سَلسَل

وَغَنّى عَلَيها كُلُّ أَورَقَ حَنّانِ

أَذُوبُ لَها شَوقاً وَإِن لَم أُلاقِها

وَلَكِنّ أَوطاري لَدَيها وَأَوطانِي

أَيَعلَمُ سُكّانُ الغَضى أَنّ بُعدَهُم

يَشُبُّ الغَضى في قَلبِ مُكتَئِبٍ عانِي

وَهَل عِندَ جِيرانِ العَقيق بِأَنّنِي

لِفُرقَتِهم ذابَ العَقيقُ بِأَجفاني

وَأنّ أَحاديث العُذَيب لِمسمَعي

أَلَذُّ مِن العَذبِ الزُلالِ لِظَمآنِ

كَفى شاهِداً بِالشَوقِ جِسمي وَمَدمَعي

فَذا رَمَقٌ فانٍ وَذا غَدَقٌ قاني

وَحَسبي وَفاءً أَو صَفاءً بِأَن أَرى

مِنَ الغَدرِ صَبري أَو مِنَ الإِثمِ سُلواني

أَراهُم بِعَينِ الشَوقِ فِي كُلِّ لَحظَةِ

فَلا البُعدُ أَنساني وَهُم وَسطَ إِنساني

مِثالُهُم فِي حَبّةِ القَلبِ ماثِلٌ

وَرَمتُ لِقاءً في العَيانِ فَأَعيانِي

وَلِي مُهجَةٌ تَصبُو إِلى نَفَسِ الصِبا

فَلَو هَبَّ في الأَحيانِ مِنهُم لَأَحياني

فَبِاللَهِ حَيِّ السَفحَ يا سافِحَ الحَيا

وَقِف بِالمَحاني وَقفَةَ المشفِقِ الحاني

وَأَلحِف ثَراها في بِساطِ زَبَرجَدٍ

عَلَيهِ نُثارٌ مِن لُجَينٍ وَعِقيانِ

لِيَختالَ ذاكَ القَصرُ في وَشيِ زَهرِهِ

كَما اِختالَ مَأمُونٌ عَلى فُرشِ بُورانِ