يا نازحا وبأحناء الحشى سكنا

يا نازِحاً وَبَأَحناء الحَشى سَكَنا

سِواكَ ما عِشتُ لا أَرضى بِهِ سَكَنا

رُحكماكَ في مُقلَةٍ أَودى السُهادُ بِها

وَلَمحةٍ تُتَمَنّى مِنكَ لا وَسَنا

وَمُهجَةٍ ما اِرتَضاها الوَصلُ عَن ثَمنٍ

وَلَستُ أَقنَعُ بِالدُنيا لَها ثَمَنا

تَشقى بِأَشجانِها لَكِن تَنَعُّمُها

بِأَنَّها فِيكَ تَلقى البَتَّ وَالشجَنا

إِلَيكَ تَصبُو وَإِن أَفنَيتَها شَغَفاً

وَفِيكَ تَستَعذِبُ التَعذِيبَ وَالهَجنا

يا هاجِري لَو تَرى حالِي رَثَيتَ لَهُ

الرُوحُ ذابَ جَوىً وَالجِسم غابَ ضَنى

ما في الوُجودِ لِعَيني مَنظَرٌ حَسَنٌ

مُذ حَجّبَ البَينُ عَنّي وَجهَكَ الحَسَنا

فَيا حَياتي الَّتي تَهنا وَحَقِّك مُذ

غُيِّبتَ عَنّيَ ما لي في الحَياةِ هَنا

فَرَقتَ جِسمِي وَرُوحي مُذ رَحَلتَ فَذا

أَقامَ ضَعفاً وَذا مِن شَوقِهِ ظَعَنا

ما بِاِفتِراقِهِما لي طاقَةٌ فَعَسى

تُهدِي لِيَ الرُوحَ أَو أُهدِي لَكَ البَدَنا

بِاللَهِ يا مَعشَرَ العُشّاقِ أَنشُدُكُم

وَبِالذِمامِ الَّذي في الحُبِّ يَجمَعُنا

هَل كانَ قَبلي فَتىً أَفنى الزَمانَ كَذا

بِالعِشقِ مُشتَهِراً بِالحُسنِ مُفتَتِنا

يَثني الأَعِنَّةَ عَمّا عَنَّ مِن رِيَبٍ

لكِنَّهُ في التَصابي يَخلَعُ الرَسَنا

مَن لِي بِأَحوى رَخِيمِ الدَلِّ ساحِرِهِ

لِلحُسنِ فِيهِ فُنُونٌ ضُمِّنَت فِتَنا

إِذا تَجَلّى فَعَن عُذرِ الغَرامِ جَلا

وَإِن تَثَنّى فَعَن سَمعِ الملامِ ثَنى

رَنا إِليَّ غَزالاً وَاِنجَلى قَمَراً

وَارتَجَّ نَحوي كَثيباً وَاِنثَنى غُصُنا

يا لائِمِينَ رُوَيداً فَالجَمالُ قَضى

أَنّ السُلُوَّ مُحالٌ وَالمَلامَ عَنا

وَيا أَحِبَّتَنا وَالبين مُحتَكِمٌ

لَم يَبقَ إِلّا نِدائِي يا أَحِبَّتَنا

هَل تَحفَظُونَ عَلى طُولِ البِعادِ لَنا

عَهداً فَأَحفَظُنا لِلعَهدِ أَكرَمُنا

رَحيِلُكُم في صَميمِ القَلبِ أَسكَنَكُم

فَالدَهر مِن حَيثُ رامَ البُعدَ قَرَّبَنا

أَرواحُنا بِالتَصافِي تَلتَقي أَبَداً

عَلى التَنائي وَلا يَدري الفِراقُ بِنا

سَقياً لِعَصرٍ مَضى ما كانَ أَبهَجَهُ

وَالسَعدُ يأَلفُنا وَالإِلفُ يُسعِدُنا

إِذا لِلعَواذِلِ أَقوالٌ نُخالِفُها

وِلِلحَبائِبِ أَفعالٌ تُوافِقُنا

أَيّام نُعطي التَصابي فَوقَ مَطلَبِهِ

في ظاهِرٍ وَلِخَوفِ اللَهِ مَطلَبُنا

ما زِلتُ مِن شَتِّ ذاكَ الشَملِ مُتّقِياً

عِلماً بِأَنَّ اللَيالي فيهِ تحسُدُنا

وَكانَ أَمَّنَنا دَهرٌ بِغَفلَتِهِ

لَكن تَيَقّظَ عَجلاناً فَرَوّعَنا

تَعساً لَهُ اَفما يَدري لَنا هِمَماً

لَجانِبِ الحاجِبِ المَولى تُرَفِّعُنا