لله ما هاج لمع البارق الساري

لِلَّهِ ما هاجَ لَمعُ البارِقِ السَّارِي

عَلى فُؤادِ غَريبٍ نازِحِ الدَّارِ

أَكَبَّ في الأُفقِ مِنهُ قادِحٌ عَمِلٌ

يَنقَدُّ ثَوبُ الدُّجَى عَن زَندِهِ الوارِي

كانَ الصِّبا وَطَري إِذ كُنتُ في وَطَنِي

فَقَد فُجِعتُ بِأَوطانِي وَأَوطارِي

فَأَينَ تِلكَ الرُّبى وَالسَّاكِنونَ بِها

وأَينَ فيها عَشِيَّاتِي وَأَسحارِي

مَلاعِبٌ نَثَرَت أَيدِي الرِّياحِ بِها

ما شِئتَ مِن دِرهَمٍ ضَربٍ وَدينارِ

ما لِلزَّمانِ أَلا حُرٌّ يُنَهنِهُهُ

يَفرِي أَديمي بِأَنيابٍ وَأَظفارِ

نَشَدتُهُ حَقَّ آدابي فَأَشعَرَني

بِأَنَّ ذَنبِيَ آدابي وَأَشعارِي

تَكَنَّفَتنِيَ مِنها كُلُّ مُظلِمَةٍ

كَمَنتُ فيها كُمونَ الخَمرِ في القارِ

إِنِّي أَبا حَسَنٍ قَد ضِعتُ بَينَكُمُ

وَقَلَّ ما ضاعَ حُرٌّ بَينَ أَحرارِ

أَتُسلِمُونَ لِجَورِ الدَّهرِ جارَكُمُ

وَلَم تَضِع قَطُّ فيكُم ذِمَّةُ الجارِ

وَكَم يَدٍ لَكَ عِندي لَستُ أَكفُرُها

أَمطَيتُها مِن ثَنائِي ظَهرَ طَيّارِ

إِذا المَدائِحُ لَم يُسفِر لَها أَمَلٌ

فَخَلِّني لِمَناديحي وَأَسفارِي

فَقَد عَزَبتُ عَنِ الدُّنيا وَبَهجَتِها

وَقُلتُ لِلنَّفسِ صَبراً أُمَّ صَبَّارِ

ما أَصعَبَ الفَقرَ لَكِنّي رَضيتُ بِهِ

لَمّا رَأَيتُ الغِنى في جانِبِ العارِ