الأرض بين مدبج ومحلل

الأرضُ بينَ مُدَبَّجٍ ومُحَلَّلِ

والرَّوضُ بينَ مُتَوَّجٍ ومُكَلَّلِ

والزَّهرُ بينَ مورَّدٍ ومُوَرَّسٍ

والنَّشرُ بينَ مُمَسَّكٍ ومُصَنْدَلِ

والماءُ قد صقَل النسيمُ فِرَنْدَهُ

فتوشَّحتْ منهُ الرياضُ بمُنْصلِ

لُوِيَتْ مَذانِبهُ على أدواحِها

فاختلْنَ بينَ مُنَطَّقٍ ومُخَلْخَلِ

ما ذاكَ سجعُ نسيبهِ في ظِلِّها

لكنَّهُ وَسواسُ هاتيكَ الحُلي

أهلاً بأيَّامِ الرَّبيع وطِيبِها

أُنسِ الخليعِ ونُزهةِ المُتَبتِّلِ

زَمَنٌ أرَقُّ مِنَ الوِداد شَمائلاً

وألذُّ من عصرِ الشبابِ الأوَّلِ

تُذكي بَلابِلُهُ البَلابِلَ لَوْعةً

ولَرُبَّ بَلبالٍ يَهِيجُ لِبُلبلِ

أعْجِبْ بهِ من مِهْرجانٍ قائِمٍ

بينَ البَسيطةِ والحَيا المُتَهلِّلِ

حَشَدَ الرِّياضُ لهُ جُنودَ جَمالهِ

وأتى بحافِل جُندهِ في جَحْفَلِ

فالطَّيرُ تَشْدو والغَديرُ مُصَفِّقٌ

والقُضْبُ ترقُص والأزاهرُ تَنجلي

وعَرائسُ الأشجار تُجلى في حُلىً

خُضْرٍ ولا وَجْهَ العَروس إذا جُلى

ما إنْ تَرى عُرساً بأجْمَل منهُ في

عَيْنِ الشَّجيْ إن غابَ عن عَيْنِ الخَلي

فاعطفْ عَلى وَجْهِ الزَّمانِ وحَيِّهِ

وانظرُ الى حُسنِ الرَّبيعِ المُقبلِ

وأجِلْ لِحاظَك في صِفاحِ كتابهِ

حتَّى تَبَيَّنَ واضحاً من مُشْكلِ

وإنِ اعتراك عَشىً لِنيِّرِ نَوْرِهِ

فاعدِلْ لإثمدِ ظِلِّهِ فتكحَّلِ

مَن لم يُشاهِدْ موقعَ الحُسنِ الخَفي

مِن مَنْظرٍ لم يَدْرِ ما الحُسنُ الجَلي

فالحُسنُ ما وَضُحت شَواهدُ فَضْلِه

للْمُجْتَني كوضوحِها للْمُجتَلي

ولَرُبَّ وَرْدَةِ دَوْحةٍ حَيَّتْ بِها

جَاماً تَلهَّب نُورُه في أُنْمُلِ

يَندى على جَنباتِه قَطْرُ النَّدى

فاعجَبْ له ماءً وناراً قَدْ مُلي

قد حُجِّبَتْ في ظلِّها فتَبسَّمتْ

عَنْ قَرْقَفٍ وتَنسَّمتْ عن مَنْدَلِ

مافَتَّح الزَّهرُ الجنيُّ ثُغورَه

إِلّا لِيَرْشُفَ طِيبَ ذاكَ السَّلْسَلِ

كلاَّ ولا جَمَدتْ عُيونُ بَهارِهِ

إلّا لغَيْرتها عليهِ أو فَلِ

هذي البَلابلُ قد سَجَعْنَ لِشُربهِ

تَشْدو وتُنشدُ في الثَّقيل الأوَّلِ

إيهٍ مُطَرِّبةَ الخليِّ بَعَثْتِ لي

أسفَ الشَّجِيْ رُدّي عَليَّ وبَدِّلي

ماعُذْرُها والوردُ مَوْرد عِشْقِها

لَوْ لَمْ تَغَنَّ بِحُسنهِ وتَغَزَّلِ

فالرَّوضُ قد فَتح الحيا في خَدِّهِ

وَرْداً سَبَى وردَ الحياءِ المُخْجِلِ

عَجباً وحتَّى الحُسْنُ يعشقُ بَعْضُه

بَعْضاً لقَدْ أزْرى الهوى بالعُذَّلِ

لَطَفٌ من الإحسان أعْجَزتِ الورَى

أوْصافُها سُبحانَ مُبْدعِهِا العَلي