تهب نسيمات الصبا من ربا نجد

تَهُبُّ نُسَيماتُ الصَّبا من رُبا نَجدِ

فَيَنْفَحنَ عن طِيبٍ ويَعْبقنَ عَنْ نَدِّ

وما ذاك إلّا أنَّهن يَجُلنَ في

مَعاهِدنا بين الأُثَيْلاتِ والرَّنْدِ

هُناكَ الثَّرى يُربي عَلى المسك طِيبُهُ

ودَوحاتُه تُزْري عَلى العَنْبر الوَردِ

معاهدُ نَهواها وتَهوى لِقاءَنا

بها قَدْ مَضى حُكْمُ العَفافِ على الودِّ

على حين لا واشٍ يَفوهُ بِريبةٍ

ولا عاذلٌ يَعْدو ولا كاشِحٌ يُعْدي

أخَذْنا مع الأيَّام فيها مَواثِقاً

فحالَتْ ومازِلْنا كِراماً عَلى العَهْدِ

كذاكَ سبيلُ الدَّهر نَقضٌ عُهودُه

فَنُعماهُ للبَلوى ولُقْياهُ لِلصَّدِّ

ألا ليتَ شعري والمُنى غايةُ الهَوى

أَأُبصِرُ نَجْداً أم أَحُلُّ رُبا نَجْدِ

وهَلْ أنْقَعَنْ من ماءٍ ظمْياءَ غُلَّةً

على كَبدٍ لم يَبْقَ مِنْها سِوى الوَجدِ

وهل أنْزِلَنْ من حَيِّها جادَهُ الحَيا

منازِلَ قد جَلَّتْ مَنازِلُها عِنْدي

بحيثُ القِبابُ البِيضُ والسُّمْرُ والظُّبا

سَماءٌ وأنوارٌ يُشَمْنَ على البُعْدِ

إذا ما شَياطينُ المُنى طُفْنَ حَولَها

رَمَتْها رُجومُ الخَطِّ عن ضُمَّرٍ جُردِ

فإن خفَّ خطوُ الوَهْمِ عن حَدِّ طَورِه

فَثَمَّ سِهامُ اللَّحظِ عن كَثبٍ تُرْدي

وفي القُبَّةِ البَيْضاءِ بيضاءُ لو بَدَتْ

لشَمْسِ الضُّحى يَوماً لحارَتْ عن القَصْدِ

تَطَّلعُ عن صُبحٍ من الوَجْهِ نَيِّرٍ

وتَغْربُ عن لَيْلٍ من الشَّعرْ مُسْوَدِّ

تَقولُ لفتيانِ التَّصابي إلَيْكُمُ

فإنَّا ظِباءَ الخِدْرِ نَبْطِشُ بالأُسْدِ

إذا ما الوَغَى جاشتْ شَهَرْنا عُيونَنا

صَوارمَ والقاماتُ كالأَسَلِ المُلْدِ

حُروبُ الهوى جدَّلْنَ كُلَّ مُجالِدٍ

وأظفرنَ ريمَ القَفْرِ بالأسدِ الوَرْدِ

نَواهِدُها أمْضَى طِعاناً من القَنا

وأَلْحاظُها أنْكى جِراحاً من الهِنْدِ

وأين ضِرابُ السَّيفِ من لَحْظِ ناظِرٍ

وأين طِعانُ الرُّمحِ مِنْ قائمِ النَّهدِ

طعِينُ القَنا يُوسَى فتَبرا كُلومُهُ

وليسَ لِمَطْعونِ النُّهودِ سِوى اللَّحدِ

ومَخْضُوبةِ الكفَّينِ مَعشوقةِ الحُلى

بَدَتْ مثْلَ بَدْرِ التِّمِّ في ليلةِ السَّعْدِ

نَهانيَ عَنها عُذَّلي فَعَصَيْتُهُمْ

فيا غَيَّهم فيما أتَوْهُ ويا رُشدي

حرامٌ على قَلْبي غَرامٌ بِغيرها

وإن جلَّ ما ألقاهُ فيها مِنَ الوَجْدِ

نظرتُ إلى حُسنٍ على خدِّها فَما

وجَدْتُ لِقَلْبي في الوَرَى عَنْهُ مِنْ بُدِّ