سرت نفحة من حيهم بسلام

سَرت نفحةٌ من حيِّهم بسلام

فأَحيَت بما حيَّت صَريعَ غَرامِ

لئن نَقعَت من لاعج الوجد غُلَّةً

فمن بعد ما أَورَت لهيبَ أوامِ

أَحيَّت براحٍ أَم بريّا تحيَّةً

سكرتُ بها سُكري بكاس مُدامِ

سرت قبل مَسراها الصبا بشميمها

فأَزرت بعَرفي عَبهرٍ وَخُزامِ

ووافى شَذاها بالشِفاءِ لمدنفٍ

من الشوق مَغلولِ الجَوانح ظامي

وَلَمّا دَنت منّي حللتُ لها الحُبى

وَبادرتُ إِعظاماً لها بقيامِ

وَمطَّت قناعَ الطِرس عَن ضوء حسنها

فنارَ بها رَبعي وضاءَ مقامي

فشنَّفتُ سَمعي من فَرائد لفظها

بجوهر أَسلاكٍ ودُرِّ نظامِ

وَقلَّدتُ جيدي من تقاصير نظمها

عقودَ لآل فذَّةٍ وتؤامِ

وَلَم أَدرِ ما أَهداه لي حسنُ سجعها

أَرنَّةَ شادٍ أَم هديلَ حَمامِ

كأَنَّ معانيها بحالِكِ نِقسها

بدورُ تَمام في بهيم ظَلامِ

كأَنَّ مبانيها مباسمُ غادةٍ

نضَت عن لآليها فضولَ لثامِ

كأَنَّ قوافيها أَزاهرُ رَوضةٍ

تبسَّمن صُبحاً عَن ثغورِ كِمامِ

وَما بالُها لا تجمع الحسنَ كلَّه

وقد بلغت في الحُسن كلَّ مَرامِ

ولا غروَ أَن أَربت على القول أَنَّها

كَلامُ ملوكٍ أَو مُلوكُ كلامِ

فَيا سيِّداً مذ غالني الدَهرُ قربَه

وَقفتُ عليه لوعتي وهُيامي

تحدَّر دَمعي مذ تذكَّر عهدَه

تحدُّر قَطرٍ من مُتونِ غَمامِ

وأَصبحتِ الأَحشاءُ من فرط شَوقه

تشبُّ لظى نيرانها بضِرامِ

بعثتَ بأَبيات من الشعر أَصبحَت

تَمائم جيدي بل شفاءَ سقامي

أَبَنتَ بها عن لهجةٍ هامشيَّةٍ

ملكتَ بها للقولِ كلَّ زِمامِ

توارثتها عن عصبة مضريَّةٍ

مدارهَ فصحٍ منجبين كرامِ

وضمَّنتها من خالص الودِّ نفثةً

شحذتَ بها عضبي ورِشت سِهامي

وإِن كُنتُ أَضمرت السكوتَ تحيَّة

فحسبي سكوتٌ ناطقٌ بذمامي

فَلا برحت تغشاكَ منّي رسائلٌ

بنشر ثناءٍ أَو بطيب سَلامِ

أحيّي به ذاك المُحيّا وإِنَّما

أحيّي به وَاللَه بدرَ تَمامِ