سلا دارها أن أنبأ الطلل القفر

سَلا دارَها أن أَنبأ الطَلَلُ القفرُ

أَجادَ فروّاها سِوى أَدمعي قطرُ

وَهَل أَوقدَ السارون ناراً بأرضها

فَكانَ لَها إلّا لظى كَبِدي جَمرُ

وَما شَغَفي بالدار أَبكي رسُومَها

وأَندبُها لَولا الصَبابةُ وَالذِكرُ

ذكرتُ بها أَيّامَ جُملٍ وعهدُها

جَميلٌ وَفينانُ الصِبا مونقٌ نَضرُ

إِذِ العيشُ صَفوٌ والحَبائِبُ جيرةٌ

وَروضُ الهَوى غضٌّ حدائقه خُضرُ

أَميسُ اِرتياحاً في بُلهنية الصِبا

تعانقني شَمسٌ وَيلثمني بَدرُ

وَغَيداء من عُليا لؤيِّ بن غالبٍ

حَمتها المواضي والمثقَّفةُ السُمرُ

وأقسمُ لو لَم تحمِها البيضُ والقَنا

لأغنى غناها الخُنزوانةُ والكبرُ

هيَ الظبيةُ الأدماءُ لَولا قوامُها

وَشَمسُ الضُحى لَولا المباسمُ وَالثغرُ

تُطاولُ زُهرَ الأفق أَزهارُ نَعتها

وَيستنزلُ الشِعرى لأَوصافها الشِعرُ

أَطعتُ هَواها ما اِستَطَعتُ ولم يكن

لغير الهَوى نهيٌ عليَّ ولا أَمرُ

لَقَد ضَلَّ مشغوفُ الفؤاد بغادَةٍ

معدُّ بن عَدنانٍ بن أدٍّ لها نَجرُ

إِذا نُثِرَت يَوماً كِنانةُ ناظرٍ

لعاشِقها ثارَت كِنانةُ وَالنضرُ

يَغارون أَن يَهوى فَتاهم فتاتَهم

وَهَل في هوى خلٍّ لخلَّته نُكرُ

وَما ضَرَّهم لو لُفَّ شَملي بشَملها

وَقَد لَفَّت الأَعراقَ ما بيننا فِهرُ

إِلى اللَه من حُبّي فَتاةً مَنيعةً

وَفائي لها ما بين أَقوامها غدرُ

تُطِلُّ دماء العاشقين لعلمها

بأَنَّ دماءَ العاشقين لها هَدرُ

كأَنَّ لها وتراً على كُلِّ عاشقٍ

وَقَد أَقسمت أَن لا ينامَ لها وترُ

أعاذلُ مَهلاً غيرُ سَمعي للائمٍ

فَقَد ظهر المكنونُ واِتَّضح العُذرُ

لعمري لَقَد حاولتَ نُصحي وإنَّما

بِسَمعيَ عمّا أَنتَ مُسمعُهُ وقرُ

وَقبلَك لامَ اللائمون فَلَم يَكن

لهم عند أَهل العشق حمدٌ ولا أَجرُ

وَمِن قَبلُ ما لَجَّ المحبُّون في الهَوى

وَما جَهِلوا أَنَّ الهوى مركبٌ وَعرُ

وَأَمسوا يَرومون الوصال فأَصبحوا

وأَيديهمُ مِمّا يَرومونَه صِفرُ

وَما نَكِرَ العشّاق هَجراً ولا قِلىً

فَما طابَ وصلٌ قطُّ لَو لَم يكن هَجرُ

وإِنّي على ما بي من الوَجدِ والأَسى

لذو مِرَّة لا يستفزُّنيَ الدَهرُ

أَرى الصَبرَ مِثلَ الشهد طعماً إذا عرت

مُلمَّاتهُ وَالصَبرُ مثلُ اسمِه صَبرُ

وإنّي من القَوم الألى شيَّدوا العُلى

إِذا نقموا ضرّوا وإِن نعموا بَرّوا

وإِن وَعَدوا أَوفوا وإِن أَوعَدوا عَفوا

وإِن غَضِبوا ساؤوا وإِن حلموا سَرّوا

هُمُ سادةُ الدنيا وَساسَةُ أَهلها

وهم غررُ العَليا وأَنجمُها الزُهرُ

بَنو هاشمٍ رهطُ النَبيِّ محمَّدٍ

به لهم دون الوَرى وَجَبَ الفَخرُ

هُمُ أَصلُه الزاكي ومحتِدُه الَّذي

زَكا فَزَكا فَرعٌ له وَذكا نشرُ

وَهَل يُنبِتُ الخَطّيَّ إِلّا وَشيجُهُ

وَيطلع إلّا في حدائقه الزَهرُ

أَلا أَيُّها الساعي ليُدرِكَ شأوَهم

رويدَك لا تجهَد فَقَد قُضيَ الأَمرُ

وَإِن كنتَ في شَكٍّ مُريبٍ فَسَل بهم

خَبيراً فعنهم صدَّق الخَبَر الخُبرُ

وَقَد ينكرُ الصبحَ المنير أَخو عمىً

وإِلّا فما بالصُبح عن ناظِرٍ سَترُ

إِذا عُدَّ منهم أَحمدٌ واِبنُ عمِّه

وَعَمّاهُ واِبناهُ وبضعَتُهُ الطُهرُ

وعترتُه الغرُّ الهداةُ ومن لهم

مَناقبُ لا تَفنى وإِن فَنيَ الدهرُ

فَقَد أَحرَزوا دونَ الأنام مفاخراً

تَضيق لأدناها البَسيطةُ والبَحرُ

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إِذا جمع الأَقيالَ أَنديةٌ زُهرُ

عليهم صَلاةُ اللَه ما ذرَّ شارِقٌ

وَما لاحَ في الآفاق من نورهم فجرُ