قم هاتها وحسام الفجر منذلق

قُم هاتِها وحسامُ الفَجرُ مُنذلقُ

صَهباءَ منها ضياءُ الصُبح ينفلقُ

لم تَدرِ حين توافيها أَصبغتها

تَلوحُ أَم وجنةُ الساقي أَم الشَفقُ

كأَنَّها في الدُجى شَمسٌ تُضيء لنا

فَينجَلي عن سَنى أَنوارها الغَسقُ

أَلقَت على الصُبح نوراً من أَشعَّتِها

فاِحمرَّ من خجلٍ من نورها الأُفُقُ

عذراءُ تُغضي حَياءً من مُلامِسها

فَيَستَحيلُ حَباباً فوقها العَرقُ

إِذا تجلّى لنا من أفقِها قدحٌ

دارَت نِطاقاً على حافاتِه الحدقُ

وإِن جَلاها بلا مزجٍ مُشَعشعُها

يَكادُ من لهبِ اللألاءِ يَحتَرِقُ

تخالُها شفقاً حتّى إِذا لَمعَت

حسبتَها البرقَ في الظَلماءِ يأتلقُ

من كفِّ أَغيدَ في خلخاله حَرَجٌ

إِذا تَثَنّى وفي أَجراسِهِ قَلقُ

يُديرُها وهو مهتزٌّ لها طَرباً

كأَنَّما هزَّهُ من رَوعةٍ فَرَقُ

في خَدِّه وَمحيّاه ومبسَمهِ

نارٌ ونورٌ ونورٌ نشرُهُ عَبِقُ

يَجلو دُجى فَرعه لألاءُ غُرَّته

كأَنَّما اِنشقَّ عن أَزاراه الفَلقُ

تَرى النَدامى سُكارى حين تلحظُه

كأَنَّهم من حُميّا لحظه اِغتَبقوا

يُغضي بذي كَحَل بالسِحرِ مُكتحلٍ

وَسنانَ ما راعه سُهدٌ ولا أَرقُ

ظَبيٌ ولكنَّه بالدُرِّ متَّشحٌ

بدرٌ ولكنَّه بالتِبر مُنتطِقُ

تَطيب ريّا شذاهُ كلَّما نسمَت

كالمِسكِ يَزدادُ طيباً حين يُنتَشَقُ

كَم من أَحاديثَ أَبداها تعتّبُه

كأَنَّها دُرَرٌ قد ضمَّها نَسَقُ

فودَّ كاشحُنا لو ناله صمَمٌ

إِذ باتَ من كثبٍ للسَمع يَستَرِقُ