لولا ازديارك في الكرى وهنا

لَولا اِزديارُكِ في الكَرى وَهنا

كانَ السهادُ لطرفِه أَهنا

أَلَطيفُ كانَ أَرقَّ منك له

لَولا الصَباحُ لزارَه مَثنى

إِن تمنعي يَقظى زيارتَه

فَلَقَد أَبحتِ وصالَه وَسنى

يا ظبيةً بالسَفح راتعةً

تَشتو الغضا وتربَّعُ الحزَنا

إن ينأَ حيُّك فالهَوى أمَمٌ

أَو تَقصَ دارُك فالحَشى مَغنى

ما كُنتُ أَحسبُ قبل فُرقتنا

أن سوفَ تغلقُ مُهجَتي رَهنا

وَلَقَد سأَلتُ عَريفَ ركبِهمُ

عنها فقال ترحَّلت مَعنا

لِلَّه مسكنُها على إِضمٍ

لَو دامَ لي وَلهاً به السُكنى

إِذ كانَ رَوضُ صَبابَتي نَضِراً

غضّاً وغصنُ شَبيبَتي لُدنا

أَيّامَ تُسعدني بزورتِها

سُعدى وَكُلُّ لُبانتي لُبنى

لَم أَنسَها وَالبينُ يُزعجها

تُبدي العزاءَ وتكتم الحُزنا

حتّى إِذا جدَّ الرَحيلُ بها

بلَّت سجالُ دموعِها الرُدنا

واهاً لَها من غادةٍ سكنت

منّي الحشى إِذ حاولت ظَعنا

قد بعتُها روحي بلا ثَمَنٍ

لا أَشتَكي في صفقتي غَبنا

غَرّاء يَحكي الصبحُ غرَّتها

لكنَّ صبحَ جبينها أَسنى

تَربو على أَترابها حَفَراً

وَتَفوقُ غرَّ لِداتها حُسنا

نشرت ذوائبَها عَلى قَمَرٍ

وَثَنَت على حِقفِ النَقا غُصنا

لِلَّه أَيُّ محاسنٍ جُليت

لَو كانَ يَشفعُ حسنَها حُسنى

وَمؤنِّبٍ فيها يُزخرفُ لي

نُصحاً وَلَيسَ لنُصحه مَعنى

ما ضرَّه همّي ولا وَصَبي

قَلبي الكَئيبُ وجسمي المُضنى

هَيهات يُسلي العذلُ لي كَلَفاً

ويطرِّقُ التأنيبُ لي أذنا