وافى وأفق الدجى بالزهد متشح

وافى وأفقُ الدُجى بالزُهد متَّشح

وَالصُبحُ قد كادَ للأَبصار يتَّضحُ

وَالبَدرُ يرفلُ في ظلمائِهِ مَرحاً

وضرَّةُ البَدر عِندي زانَها المرحُ

مهفهفٌ تَستَخِفُّ الراحُ راحتَهُ

وَيُثقلُ السُكرَ عِطفيه فيَرتَنِحُ

بدا يَطوفُ بها حَمراءَ ساطعةً

في جَبهَة اللَيل من لألائِها وضَحُ

فاِطرح زنادَك لا تستَورِه قَبَساً

لا يقدحِ الزندَ من في كفِّه القَدَحُ

وافى بها أُسرةً في المجد راسيةً

لا يستفزُّهم حُزنٌ ولا فرحُ

لهم من الراحِ في الأَفراح مُغتَبَقٌ

ومن دماء العِدى في البأس مُصطَبحُ

هُمُ سِمامُ العِدى إِن غارَةٌ عَرضت

وَهم غَمام النَدى والفَضل إِن سَمحوا

تُخفي وجوهُهمُ الأَقمارَ إِن سَفَروا

وَتُخجِلُ السحبَ أَيديهم إِذا مَنَحوا

مالوا إِلى فُرص اللَذّات من أُمَمٍ

ولم يَميلوا عن العَليا ولا جَنَحوا

وَباتَ يمنحُني من دَنِّه مِنحاً

كانَت أَمانيَّ نَفسي وَالهَوى مِنحُ

وَذاتِ حُسنٍ إذا مِيطت بَراقعُها

فالشَمسُ داهِشَةٌ وَالبَدرُ مُفتَضِحُ

عاتَبتُها بعدما مالَ الحَديثُ بها

عَتباً يمازجُه من دَلِّها مُلَحُ

فأَعرضت ثمّ لانَت بعد قَسوتِها

حتّى إِذا لَم يَكُن للوَصلِ مُطَّرَحُ

أَغضَت وأَرضَت بما أَهوى وعفَّتُنا

تأبى لنا مأثماً في الحُبِّ يُجتَرَحُ

فَلَم نَزل لابِسي ثَوب العَفاف إِلى

أَن كادَ يظهرُ في فرع الدُجى جَلحُ

قامَت وقُمتُ وفي أَثوابنا أَرَجٌ

من الوِصالِ وفي أَكبادِنا قُرحُ

ما أَصعَبَ الحبَّ من خَطبٍ وأَبرَحَه

بذي العَفاف وإِن أخفى الَّذي يَضحُ