أهاجك ربع بالمحيط محيل

أَهاجَكَ رَبعٌ بِالمُحيطِ مُحيلُ

عَفَتهُ دَروجٌ بِالتُّرابِ حَفولُ

فَمُنتَصِبٌ مِنهُ يَثورُ عَجاجُهُ

وَآخَرُ دانٍ لِلبِلادِ سَحيلُ

وَمَنزِلَةٌ أُخرى تَقادَمَ عَهدُها

بِذي العُشِّ تَعفوها صَباً وَشَمولُ

تُراوِحُها الأَرواحُ وَالقَطرُ وَالبَلا

يُلاقينَ ما لَم يَلقَ قَطُّ طُلولُ

دِيارُ الَّتي يَقصيها يُقصِ وِدَّهُ

وَمَن يُدنِها تُعرِض فَكَيفَ تُنيلُ

خَليلَيَّ سَيراً وَإِذكُرا اللَهَ تَرشُدا

وَسيلا بِبَطنِ النِّسعِ حَيثُ يَسيلُ

فَإِن أَنتُما كَلَّمتُماها سَقَتكُما

يَمانيَةٌ رَيا الغَمامِ هَطولُ

وَقولا لَها ما تَأمُرينَ بِوامِقٍ

لَهُ بَعدَ نَوماتِ العُيونِ أَليلُ

تَبَدَّلتِ وَالأَبدالُ وافٍ وَناقِصٌ

وَمالِكِ عِندي قَد عَلِمتِ بَديلُ

يُذكِّرُنيها إِن تَغَنَّت حَمائِمٌ

لَهُنَّ عَلى غُصنِ العَضاهِ عَويلُ

تَجاوَبنَ في حَدِّ النَهارِ بِعَولَةٍ

وَأُخرى تُوافي الشَمسَ كُلَّ أَصيلِ

تَلومُكَ فيها بَعدَ ما إِستَحكَمَ الهَوى

نِساءٌ سِفاهاً ما لَهُنَّ عُقولُ

وَسَهمٍ إِذا ما خالَطَ القَلبَ لَم يَكُن

لَهُ مِن سَواقي الأَبهَرَينِ نُصولُ

وَكَم مِن خَليلٍ قالَ لي لَو سَأَلتَها

فَقُلتُ لَهُ إِنّي إِذاً لَسَؤولُ

أُسائِلُها ما لا يَحِلُّ وَلَم يَكُن

لِيَسأَلَ شَيئاً لا يَحِلُّ خَليلُ

فَيا لَيتَ حَظّي مِن نَوالِكِ أَنَّهُ

يُبَلِّغُ حاجاتي إِلَيكِ رَسولُ

لِكَي تَعلَمي أَنَّ الَّذي قُلتُ صادِقاً

وَأَنَّكِ مِخلافُ العِداتِ مَطولُ

أَنَلتِ قَليلاً ثُمَّ أَسرَعتِ مِنَّةً

وَنَيلُكِ مَمنونٌ كَذاكَ قَليلُ

وَإِنّي لَأَخشى أَن أُلاقي مِنَ الهَوى

وَمِن زَفَراتِ الحُبِ حينَ تَزولُ

كَما كانَ لاقى في العُصورِ الَّتي مَضَت

عُرَيَّةٌ مِن شَحطِ النَوى وَجَميلُ

وَإِنّي لَأَهوى وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ

وَفائِيَ إِذ قيلَ الحَبيبُ يَزولُ

وَتَختَصُّ مِن دوني بِهِ غُربَةُ النَوى

وَيُضمِرُهُ بَعدَ الدُنُوِّ رَحيلُ

فَإِن سَبَقَت قَبلَ البِعادِ مَنِيَّتي

فَإِنّي وَأَربابِ الغَرامِ نَبيلُ

وَداوِيَّةٍ قَفرٍ يَكادُ يَهابُها

مِنَ القَومِ مِصلاتُ الرَحيلِ دَليلُ

يُعافُ بِها المَعبوطُ مِن بَعدِ مائِها

وَإِن جاعَ مِقرامُ السِباعِ نَسولُ

قَطَعتُ بِمِصلالِ الخِشاشِ يَرُدُّها

عَلى الكُرهِ مِنها ضانَةٌ وَجَديلُ

وَرَأسٌ شَديدُ الأَخدَعَينِ وَمَخرَمٌ

وَرِجلٌ كَمِخراقِ الوَليدِ رَحولُ

وَما هَجرُ لَيلى أَن تَكونَ تَباعَدَت

عَلَيكَ وَلا أَن أَحصَرَتكَ شُغولُ

وَلا أَن تَكونَ النَفسُ عَنها نَجيحَة

بِشَيءٍ وَلا أَن تَرتَضي بِبَديلِ