أيا من بشرق الأرض والغرب يمتري

أيَا من بشرقِ الأرضِ والغربِ يَمتري

صَدى الجودِ أو يطوي إليه الفَيافِيا

أقيموا له إنْ كنتمْ من ثِقاتِهِ

بكاةً على أمواتِه وبَواكِيا

فإنّ بميّافَارِقينَ حفيرةً

تركْنا عليها ناظرَ الجودِ دامِيا

تُضَمِّنُها الأيدي فتى ثكلتْ بهِ

غَداةَ ثَوى آمالَها والأمانِيا

مِنَ التغلِبيينَ الأُلى لو رأيتَهم

رأيتَ رجالاً يَخلقونَ المَعاليا

إذا هطَلوا خِلتَ السَّحابَ سَواقِياً

وإنْ نَطقوا خِلتَ الكلامَ قَوافِيا

وأيُّ فتىً يشْكو إلى الموتِ فقدَه

كأنْ لم يكنْ يوماً له الموتُ شاكِيا

إذا ذكرتْ أخلاقُه منه شيمةً

تسربلَ منه أخلَق الحَدِّ ماضِيا

فتىَ يشربُ الماءَ الزّلالَ لفَقْدِه

ذعافاً ويجني الطيّباتِ أفاعِيا

فيا قَبرَه جُدْ كلَّ أرضٍ بجودِهِ

ولا تنتظِرْ فِيها السَّحابَ الفَواديا

فإنكَ لو تدري بما فيكَ من نَدى

تصدّعتَ حتى يُصبحَ الجوُّ طامِيا

ويا يومَه عَزَّ الأنام بفقدِه

فأنتَ بمولاهُم تُعزّى المَواليا

وحاشاكَ سيفَ الدولةِ اليومَ أنْ تُرى

من الصبرِ خُلوا أو إلى الحزنِ ظامِيا

فإنْ تَكُ أفنتْ سطوةُ الدّهْرِ عمرَه

فعُمْرُ عُلاهُ يتركُ الدّهْرَ فانِيا

وما فيه مفقودٌ إذا كنتَ حاضراً

ولا فيهِ مَثكول إذا كنتَ باقِيا

ولمّا عَدِمْنا الصبرَ بعدَ محمّدٍ

أتينا أباهُ نستفيدُ التّعازِيا

عجبتُ له كيفَ استقلَّ بحزنِه

عليْهِ وقد هدّ الجبالَ الرّواسِيا

ولكنّهُ سيفٌ إذا التبستْ بهِ

صُروفُ اللّيالي رَدَّهُنّ نَوابِيا

جديرٌ إذا مالجَفنُ جلّلَ نصْلَه

بتمزيقِه حتى ترى النّصلَ بادِيا

بِطولِ ذِراعٍ لا يَرى الرمحَ نائلاً

وحدّةِ كفٍّ لا يَرى السيفَ كافِيا

إذا الحُزْنُ ولّى نفسَه صدرَ جازعٍ

أقامَ عليه حسبة الصبْرِ والِيا

فلا زالتِ الدُّنيا ولا زالَ مجدُه

يُغرّي به أيامَها واللّيالِيا