وفدت فلم أترك مقالا لوافد

وفدتُ فلم أترُكْ مقالاً لوافدِ

وقد تركَ الماضونَ لي كلَّ شاردِ

يمُرُّ بأفواه الرّواةِ كأنّه

جَنى النحلِ ممزوجاً بسُم الأساوِدِ

خَطَتْ إبلي عَرضَ الفراتِ بقاطعٍ

تمائمِ أوجاعِ الهَوى والعَوائدِ

وغيّرَ وُدّي يا بنة القومِ مطلبٌ

هجرت له ضَمَّ الثديِّ النّواهدِ

تلومين في زيدٍ وقد مسّ جلدَه

على خطأٍ من فعله سوطُ عامدِ

ولو كان يُغني الصفحُ عنه قُلامةً

صفَحنا ولكن شيمةٌ من مُعاودِ

ألم أكُ قد حذرتُهُ يومَ دابِقٍ

سؤالَ المغاني والرسومِ البَوائدِ

وقلتُ له لا تُتْبِعِ البرقَ نظرةً

ولا تعلُ أطرافَ القِنانِ الفواردِ

ولمّا رأى عَبْساً تشُدُّ رحالَها

عَدا لؤلؤاً من عينهِ غيرَ جامدِ

فكيفَ إذا صاحَ الحُداةُ وراءَها

وقد قلّدوا أعناقَها بالمقاودِ

دَنونا ولم تدنُ الجبالُ كأنّها

وقد طلبَتها الخيلُ إحدى الطرائدِ

فلمّا بدا الهِرْماسُ تنقشهُ الصَّبا

حَمى قطرةً من مائهِ ألفُ ذائدِ

فلا تَرِدِ الهِرْماسَ يا راكبَ الحِمى

ورِدْ غيرَه صُم الصّفا والجلامدِ

أتمنعُنا غَنمٌ من الماءِ شربَة

وتسألُنا غنَمٌ فَضولُ المَراودِ

فوَ اللهِ ما أدري أأكرهُ فيهمُ

صدورَ العَوالي أمْ صدورَ القصائدِ

على أنّ أطرافَ الأسنّةِ مَطْرَدٌ

لكل فتىً عن عِرضِه لم يُطاردِ

إذا وصلَ الوَسميّ بيني وبينكم

وعادَ إلى طَورَيْن صوبُ الرواعدِ

فلا تأمَنوا أنْ تسمعوا صوتَ فتيةٍ

طِوالِ المَذاكي والقَنا والسّواعدِ

خُذوا اليومَ من إيماننا في رؤوسكم

عمائمَ إلاّ أنّها من حَدائدِ

بما وَرَدَتْ أنعامُكم ومطيُّنا

معذّبة الأكبادِ حولَ المَواردِ

ولو بِنَدى قاضي القضاةِ تعرّضَتْ

لما عُرّضَتْ آمالُها للمواعدِ

وكان عبيدُ اللهِ أولَ قائمٍ

لمَكرمَةِ الدّنيا وآخرَ قاعدِ

فتىً لا تَراهُ ماشياً فوقَ زَلّةٍ

ولا راكباً إلاّ ظهورَ الشّدائدِ

جَمَعْتَ نظامَ الدّينِ بعدَ شَتاتِهِ

وأصلحتَ من آرائهِ كلَّ فاسدِ

على حين ناضلتَ العِدَى وتقلّبتْ

عليكَ اللّيالي في ثيابِ المكائدِ

قدحتَ بزَنْدِ الرّأيِ والشّكُ سامرٌ

يُغازلُ أبصارَ العُقولِ الهَواجدِ

وكنتَ إذا رضتْ همومُك عزمةً

رميتَ بِها خلفَ السُّها والفَراقدِ

وكيف وجدتُم والسّفاهةُ كاسمِها

عقوبة جمِّ العفوِ في اللهِ حاقدِ

لعَمري لقد كاثرتُم بنعيمكم

لمُعتبرٍ في هذه الدارِ زاهدِ

وقد كنتُ أرسلتُ النذيرَ إليكُمُ

وقلتُ لكم نبهتُم غيرَ راقدِ

أخافُ من الليثِ المغَمِّضِ وثبةً

تُرَقِّصُ أحشاءَ الرجالِ الأجالِدِ

أرى شُعَبَ الوادي تَسيلُ عليكُم

وأذرَعكم تَثنى متونَ الوسائدِ

فلو أنّكم إذْ صرّحَ الشّرُّ عُذتُمُ

ببُرْدَيْهِ أو ألقيتُم بالمَقالِدِ

لردَّ إلى لِينِ الحشايا جُنوبكُم

وأطبقَ أجفانَ العُيونِ السّواهدِ

حَسدتُم مزيا نعمةِ اللهِ عِندَه

وما خَيرُ نُعمى لا تُعابُ بحاسدِ

أقيموا له عُوجَ الضّلوعِ فإنّما

زَرَعْتُمْ بِها شوكَ الفَسادِ لحاصدِ

لجامُ الأعادي لا يذوبُ لباطلٍ

ولا هوَ للحقِّ المُبينِ بجامدِ

مَصائدُكم مكشوفةٌ لعيانِه

ويحفظُكم من خافياتِ المَصائدِ

مُقيماً بدار الحزمِ يَرقُبُ عَوْدَكُمْ

ويسألُ عن أظعانِكم كُلَّ واردِ

يَعزُّ عليه أنْ تَثوبَ حُلومُكُمْ

وقد أُكِلَتْ أعراضُكم بالمَبارِدِ

تجاوزْ تغمدْ أُعْفُ عن هَفواتِهم

أقِلْ زلل الأولادِ يا خيرَ والدِ

فقد يلِدُ الإنسانُ غيرَ شبيهه

ويَصنَعُ معروفاً إلى غيرِ حامدِ

وأنتَ الذي لا يثلِمُ الجهلُ حِلمَه

ولو بينَ حِضنَي عَذبةِ الريقِ ناهدِ

فلا تَتْركَني عُرضةً لمُضاغِنٍ

يُزخرفُ قولاً لا يقومُ بشاهدِ

تهضَّمني عِرضي وكاثرَ ناصري

وظَفّر أعدائي وشمَّتَ حاسدي

وأطمَعَه خِذلانُ من كنتُ أرتجي

أبى الله خِذلاني وأنتَ مُعاضدي

هَلُمَّ إلى قاضي القضاةِ فإنّه

سيأخذُ للمجحودِ من كلِّ جاحدِ

ويحكُم فينا حاكمٌ في يمينه

أزمةُ غاياتِ العُلا والمحامدِ

تُصَوَّرُ منه المكرماتُ وتنتمي

إليه سُعودُ المُشتري وعُطاردِ

أمِنْتُ وقد أبصرتُ ثغركَ ضاحِكاً

تجهُّمُ أحداثِ الخُطوبِ النّواكدِ

وواللهِ لا أُعطي المذلّةَ طائِعاً

ولا كارِهاً حَدَّ السّيوفِ البواردِ

فإنّ شبيباً سنّ في العِزِّ سُنّةً

لكلّ كريمِ الأريحيّةِ ماجدِ

مَضى لا يَظُنُّ الذُّلَّ يَحْرُسُ نفسَهُ

من الأجلِ الداني ولا المتباعدِ

يُفَلِّقُ هاماتِ الملوكِ حُسامُهُ

ويأخذُ من تيجانِها بالمَعاقدِ

فكلّ لئيمٍ بعدَه لمُهَيْرَةٍ

وكلُّ نجيبٍ بعدَه للولائدِ

وسهمُ بنُ كعبٍ خُيِّرَ الذُّلَّ والرّدى

فخافَ الرّدى واختارَ شرَّ القَلائدِ

وأعجبه شَمُّ النّسيمِ الذي تُرى

ولم يدرِ سهْمٌ أنُّ غيرُ خالدِ

وإنّ بَني كعبٍ تبيدُ جسومُها

وما كان من أفعالِها غيرُ بائدِ

أصِبْ شكرَها يا سيدَ النّاسِ واغتَنم

ثناءَ بَواقٍ في الزّمانِ خَوالدِ

فإنْ تَغمروني بالفوائدِ إنني

لأغْمركم من منطقي بالفَوائدِ

سأهدي إليكُم كلَّ بيتٍ مُهذَّبٍ

صَقيلِ النّواحي في المناقبِ زائدِ

إذا قلتُه فيكُم رواهُ عدوّكم

فيمدحُكم عنّي لسانُ المعاندِ

ولو كان يومٌ فيه للفتكِ مَطْمَعٌ

كفيتُكم كيدَ العدوِّ المناجدِ