وقفنا على قبر العلاء بن صاعد

وقفنا على قبرِ العلاءِ بنِ صاعدٍ

وأفواهُنا فيها صُدورُ الأنامِلِ

نزورُ غريباً لا يحنُ إلى هوىً

ولا يشتكي فقدَ الخليطِ المُزايلِ

بعيشكَ لا تبخلْ بِرَدِّ جوابنا

متى كنتَ لا تخفى بطلعةِ سائِلِ

وكيفَ تُجيبُ السّائلينَ وبينهم

وبينكَ أطباقُ الثّرى والجَنادِلِ

بكيتُكَ للمكروبِ شُدَّ خِناقُه

وللخصمِ أعمى كلَّ حقٍّ بباطِلِ

ومولىً غسَلْتَ الذُّلَ عن حرِّ وجهِه

وناقلتَ عنه القولَ كلَّ مُناقِلِ

ومطروقةِ العينينِ طائرةِ الكَرى

تكفكِفُ أسرابَ الدموعِ الهَوامِلِ

لقد وَلَدتْ حزناً طويلاً وحسرةً

تَهزُّ حَشاها بالضُّحى والأصائِلِ

رحلتَ إلى مجهولةِ الماءِ والقِرى

ولم تتزودْ زادَ يومٍ لراحِلِ

وفارقتَ أقواماً يرونَ حياتَهم

وقد غالكَ المقدورُ إحدى الغَوائِلِ

كأنّكَ لم تعقِرْ لصَحْبِكَ ناقةً

فيأكل منها راكبٌ متنَ راجِلِ

وراحلةٍ وسطَ الفلاةِ تركتَها

تُغنّيهم أعضاؤها في المراجِلِ

فتى ينصرُ المولى ويغفر جهلَه

فليس بمعذولٍ وليسَ بعاذِلِ

أُقلبُ طَرفي في الأنامِ فَلا أرَى

على ما بِنا من غفلةٍ غيرَ غافِلِ

يعيّرُ زيدٌ بالسّفاهةِ مَزيداً

وقبرُ حليمٍ مثلُه قبرُ جاهِلِ

وأُقسِمُ ما الدُّنيا بدارِ إقامةٍ

ولا هي إلاّ مثلُ بعضِ المنازِلِ

نسيرُ إلى الآجالِ حولَ رجائِها

ونَطوي بها الأيامَ طيَّ المَراحِلِ

ونأكلُ مرْعاها فتأكلُنا به

لقد طلبت أرواحنا بالطّوائلِ

أصاعِد جنبها الدروعَ فإنّهُ

لبطنِ الثّرى تُثْري بُطونُ الحوامِلِ

وقد أخذتْ منكَ المصائبُ قبلَها

فَما طفِرتْ من مقلتيْكَ بطائِلِ

هَبِ الدهرَ لم يسمحْ بهِ يا ابن ثابتٍ

أكنتَ توَلّيهِ ملامَةَ عاذِلِ

ومَن ذا الذي يهوَى تلوّنَ عيشه

ويَرْضى عن الأيّامِ غيرُ المجامِلِ

أقِلها صروفَ الدهرِ كلَّ إقالةٍ

وعشْ سالِماً يا خيرَ حافٍ وناعِلِ

فإنّ الذي يُحثى عليهِ من الثّرى

كآخرَ تستهديهِ أيدي القَوابلِ