عدمت لذيذ العيش بعدك والكرى

عَدِمتُ لَذِيذَ العَيشِ بِعدَك وَالكَرى

وَشَغّلتَ قَلبِي لَوعَةً وَتَذَكُّرا

وَكَم لَيلَةٍ قَد بتّ فيها مُولَّهاً

مَخافَةَ نَفسِي أَن تَذوبَ تَحَسُّرا

أُقابلُ مَسرى الريح مِن نَحوِ أَرضِكُم

فِيَحرِمُني بَردَ النَسيم إِذا سَرى

لَقَد خابَ ما أَمَّلتُ مُذ سِرتُ عَنكُمُ

وَمِن رَكِبَ الآمال لَم يَحمَدِ السُرى

تنكّرَ لي دَهرِي وَلم يَدرِ أَنَّني

عَرَفتُ جَليّ الأَمرِ لَمّا تَنَكّرا

يَقُولونَ لِي صَبراً عَلى البُعدِ وَالنَوى

وَمُذ بِنتَ عَنّي ما رُزِقتُ تَصَبُّرا

وَمِمّا شَجاني أَنَّني بِتّ مُغرَماً

بِأَزهَرَ يَحكِي البَدرَ حُسناً وَمَنظَرا

يُؤرّقُ جَفنِي مِنهُ غُنجُ مَحاجِرٍ

تَعدّ مِنامَ الجفنِ حِجراً مُحَجّرا

وَلَولا الَّذي أَخشاهُ مِن جورِ حُكمِهِ

لحدّثتُكَ الأَمرَ الخَفِيّ كَما جَرى

وَبُحتُ بِمكنُون الضَميرِ إِليكُمُ

وَأَظهَرتُ وَجداً كانَ في القَلبِ مُضمَرا

وَلا بُدَّ مِن شَكوى فَتَعذِر مُدنَفاً

حَليفَ سَقامٍ أَو يَموتَ فَيُعذَرا

وَلَكِنَّهُ مُذ لاحَ لامَ عذارِهِ

تَجَنّى فَلا يَلوي عَلى مَن تَعَذّرا

شَراني بِبَخسٍ وَهُوَ في الحُسنِ يُوسُفٌ

وَما بِاعَني إِلّا بِأَرخَصِ ما اِشتَرى

فَيُمسي إِذا ما أظَلَمَ اللَيلُ ظالِمي

وَيَهجُر إِن صامَ النَهارُ وَهَجّرا

وَلا ذَنبَ إِلّا أَنّني بُحتُ بِاسمِهِ

وَلا بُدّ لِلمَحزُونِ أَن يَتَذَكّرا

فَكُن ناصِري إِن شِئتَ في مَوقِفِ الهَوى

فَحُقّ لِمِثلي أَن يُعانَ وَيُنصَرا