بالله فت كبدي يا همي

بالله فُتَّ كَبِدِي يا هَمِّي

وغمَّ قَلْبي بالجَوَى يا غمِّي

وابْلُ جسْمي بالضَّنىَ يا سُقْمِي

فبَعدَ رُوحي لا أُرِيدُ جِسمي

وبعد دِرْياقي أُريدُ سمِّي

مُصيبتي لمَّا انتهت في العَظْمِ

قد سخرت من الجِبَالِ الصمِّ

توسَّعَتْ فضاقَ عَنها كَتْمِي

دفنت أَهلي كلَّهم بَرَغْمِي

أَخِي وأُختي وأَبي وأُمِّي

وكم دفنتُ غَيْرَ مَنْ أُسمِّي

من رُفْقَةٍ مثلِ بدورِ التِّم

ومن بهاليلَ عظامٍ شُمِّ

دفنت كلاًّ منهمُ عَنْ علْم

في موحشٍ أَسْوَدَ مُدْلَهمِّ

في قَعْر قَبْرٍ تَحْت أَلفِ رَدْمِ

تلك قبورٌ بُنيت لهَدْمِي

لم تُبْن إِلاَّ بدَمِي ولَحْمِي

مَناظرٌ كما رأَيتَ تُعْمِي

وتَقْصِدُ القلبَ بكُلِّ هَمِّ

لقبر ذَا ضَمِّي وهَذَا لَثْمِي

وعِشْتُ مِنْ بَعدِهم بِرَغْمي

لِشُؤْمِ بَخْتي ولسُوءِ قَسْمِي

كالسَّيفِ في الوَحْدَةِ لا كالسَّهْم

في فَقْرٍ صُوفيٍّ وذمي

قد ضاع عقلي بعدهم وحلمي

وكنت في غِنىً وغُنمِ

في نعمةٍ وفي نعيمٍ جَمِّ

وكنت لا أُرْمَى بِهم وأَرْمِي

وكُنْتُ لا أُصْمَى بهم وأُصْمِي

يرون حُبِّي كالقضاءِ الحَتْم

ورَسْمُهم أَن ينتهوا لرَسْمِي

ويَسْتعيذوا في الهُمومِ باسْمِي

لم يَجْرِ مَوْتُ كلَّهم في وَهْمِي

ما لِحياتي بَعْدَهم مِنْ طَعْمِ

فيا افْتِقَارِي بَعْدَهُم وعُدْمِي

ويا ضَلالي بعد فقد نَجْمِي

ويا هموماً لاَ تَزَالُ تَنْمِي

ويا دُموعاً لا تَزال تَهْمِي

تَكْثُر أَنْ أَسْتُرَها بكُمِّي

ويا زماناً جائراً في الحُكْمِ

لا غرو أَنْتَ حاكمي وخَصْمِي

بأَيِّ ذَنْبٍ وبأَيِّ جُرْمِ

ظَلَمْتَني ومَا يَحلُّ ظُلْمِي

لله حَمْدِي ولدَهْري ذمِّي