بكيتك بالعين التي أنت أختها

بَكَيتُكِ بالْعَينِ التي أَنْتِ أُختُها

وشمسُ الضحى تبكيك إِذ أَنتِ بنتُها

وتَضحَكُ غِزْلانُ الفَلاةِ لأَنَّني

بعينيك لمَّا أَنْ نظرتُ فضحْتُها

ويا منيةً يا ليتني لم أَفز بها

وأمنيةً يا لَيْتَني ما بلغْتُها

شهدْتُ بأَنيَّ فيك أَلأَمُ ثاكل

لليلةِ بَيْن مِتِّ فيها وعشتُها

أَفادِيتي يا ليت أَنِّي فديتُها

وسابقتي يا ليت أَنِّي سَبَقْتُها

وقد كنتِ عندي نعمةً وكأَنني

وقد عِشْتُ يوماً بعدها قد كفرتُها

وما بال نفسي فيِك ما كان بخْتُها

مماتي لمَّا لم يَعِش مِنْك بختُها

نعَمْ كبِدي لا وَجْنتي مُذْ لطمْتُها

عليكِ وعيشي لا ثيابي شققْتُها

أَيا دهر قد أَوجَدتْني مُذْ وَجدتها

فما لك لا أَعْدمْتني إِذْ عَدِمتُها

تطلَّبتها من ناظِرِي بعد فقدِها

فضَاعَتْ ولكن في فؤادِي وَجدْتُها

ثكلتكِ بدراً في فؤادِي شروقُه

وفاكهةً في جنةِ الخلد نبْتُها

على رغْمِها خانتْ عُهُودِي وإِنَّه

جزاءٌ لأَنِّي كمْ وفتْ لي وخنتُها

وأَنفقتُ من تِبْرِ المدامِع للأَسى

كنوزاً لهذا اليوم كُنْتُ ذخَرْتُها

وسَالت على خدَّيَّ م لوْعَة الجَوى

سيُولُ دموع خُضْتُها ثم عُمْتُها

لآلئُ دمعي من لآلئَ ثغْرها

ففي وَقْتِ لثْمي كُنْتُ منهُ سرقتُها

قد اعتذرت نفسي بأَنَّ بقاءَها

لتندَبها لكنَّني ما عَذرتُها

وجُهْدِي إِمَّا زفرةٌ قد حَبَسْتُها

عَلْيها وإِمَّا دمْعةٌ قد سَكبْتُها

أَصارتْ حصاة القلبِ مني حقيقةً

حصاةً لأَنِّي بعدها قد نَبَذْتُها

ومعشوقةٍ لي لسْتُ أَعشقُ بَعدها

نعَمْ لي أُخرى بَعْدها قد عشِقْتُها

عَشِقْتُ على رَغْم الحياةِ مَنيَّتي

تراني لمَّا أَن عَشِقْتُ أَغرْتُها

أَزورُ فؤادِي كلما اشْتقْتُ قبْرها

غرَاماً لأَني في فؤادِي دفنْتُها

وأَشرَقُ بالماءِ الَّذي قد شربتُهُ

وما شرَقي إِلاَّ لأَنِّي ذكرْتُها

وأَمْنحُها نفْسِي ورُوحي وأَدْمُعِي

ولو طلبتْ مني الزِّيادَةَ زِدْتُها

محاسِنُها تحت الثرى ما تغَيبت

كذا بجَناني لا بعَقْليَ خِلْتُها

ولو بَلِيت تلك الحُلى وتنكَّرتْ

وأَبصرتَها بعد البلى لعرَفْتُها

يُريني خيالي شخْصَها وبهاءَها

ونضْرتَها حتى كأَنِّي نظرْتُها

غدتْ في ثرَاها عَاطِلاً وبجيدِها

عقودُ لآلٍ من دُمُوعِي نظمْتُها

فيَا لحدَها يا ليت أَنِّي سَكنْتُه

وأَكْفانَها يا ليْتَ أَنِّي لبسْتُها

فلا تجحدي إِن قلت قبرُك جَنَّةٌ

فرائحةُ الفردوسِ منه شمَمْتُها