لما دعا في الركب داعي الفراق

لمَّا دعا في الرّكب داعي الفِرَاقْ

لبّاه ماءُ الدَّمْعِ من كُل ماقْ

يا دمعُ لم تَدْعُ سِوَى مُهْجَتي

فَلِمْ تَطَفَّلْتَ بَهَذَا السباق

وإِن تكن خِفْتَ لَظَى زَفْرَتِي

فأَنْتَ معذورٌ بِهذَا الإِبَاق

وإِن تكن أَسْرَعْت مِن أَنَّةٍ

إِنَّ لَها من أَنَّتي أَلف رَاق

مهلاً فما أَنت كَدَمْع جَرَى

وَرَاقَ بل أَنتَ دِمَاءٌ تُراق

فقمت والأَجفانُ في عَبْرَةٍ

والدمعُ من مَسْأَلتي في شِقَاق

أَسقِي بمزنِ الحُزْنِ روضَ اللَّوى

يا قربَ ما أَثمَرَ لي بِالفِراق

وأُسْلِفُ التوديعَ سكري لكيْ

يخدعَ قلبي بِتَلاقي التَّرَاق

وما عِنَاقُ المرْء محبوبَه

إِلاَّ لكي يلتَفَّ سَاقٌ بِسَاق

لله ذاك اليوم كم مُقْلَةٍ

غَرْقي وقَلْب بالجَوَى ذي احتراق

ومعشر لاقوا وجُوهَ النَّوى

وهي صِفاقٌ بِقُلُوبٍ رِقَاق

ووالدٌ بَل سَيِّدٌ والهٌ

سَقَاه توديعيَ كأَسَاً دهَاق

يقول لي أَتعبتَ قَلْبي فلا

لَقِيتَ مِنْ بَعْدِيَ ما القلْبُ لاَق

قلت له والحقُّ ما قُلته

والصدقُ ما زالَ لنُطقِي نِطاق

أَيقنت أَن آنَسَ في بلدة

أَخلاق قَوْمٍ مَا لَهُم من خَلاَق

هُمْ مَعْشرٌ دِقٌ فمن أَجل ذا

أَضْحَت مَعَاني اللؤمِ فيهم دِقَاق

لما سرت خَيْلي عَن أَرضِهم

أَسميت قَلْبي بعَتِيق العِتَاق

وبَدْرُ تِمٍّ قال لي عاتباً

قلَّلْت صَبْري يا كثير النفاق

خدعتني حتى إِذا حُزْتَني

سلَّطْتَ بالبين عليَّ المحاق

قلت بدُورُ التِّم أَسرى السّرى

فارْضَ بأَنِّي لَكَ يا بدرُ وَاق

واقعد طليقاً ما نأَت دَارُه

وَدَعْ أَسيراً سائراً في وثَاق

وربَّما كانت لنا عودةٌ

وإِن تكن كانَ إِليك المَسَاق

مذْ صُعِق القَلْب لتوديعهم

وخرّ لم يبلُ فَلمَّا أَفاق

إِن كان وجدي غير فانٍ بهم

فإِنَّ قلبي بَعْدَهُم غَيْرُ بَاق

والله لا سَاوَى وإِن كَابَرُوا

جورُ النَّوى عندي بيوم التَّلاق