وليلة وصل راقبت غفلة الدهر

وليلةِ وصلٍ راقبتْ غفلةَ الدّهرِ

فجادت بِبَدْرِي وهي مُشْرِقَةُ البَدْر

سَمِيري بِها غُصْنٌ مِن البانِ مَائِسٌ

يرنَّحُهُ سُكْرُ الشَّبِيبةِ لاَ الخَمْرِ

أشاهد فِيها طلعةَ القَمَرِ الَّذي

تبسَّم عَنْ طَلْعٍ وإِن شِئْتِ من در

وأنظم سهماً لاح لي نظم ثغره

قصائد من شعر وإن شئت من سِحْر

لقد أَعْرَبَت عَيْنَاه عن سِحْرِ بابل

وإِن كان مَبْنِيَّ الجفُونِ عَلى الكَسْرِ

وأَشهد حقّاً أَنَّ فوقَ جَبِينيهِ

لآياتِ حسنٍ هنَّ من سُورَة الفَجْرْ

ونحن بقصرٍ أَشرقَت شُرُفَاتُه

عَلَى رَوْضَةٍ تفترّ عن يانِع الزَّهر

هَمَتْ في ذُرَاها أَدمعُ الطَّلِّ والنَّدى

وبات بِها زَهْرُ الرُّبى باسمَ الثَّغر

يَضُوعُ أَرِيجُ المِسْكِ مِنْها إِذا انْثَنتْ

مدبَّجَةَ الأَرجاءِ مِنْ بَلَل القَطْرِ

وبات بها شَادِي الهَزَار مردِّداً

أَفانَين تغريدٍ على فَنَنٍ نَضْرِ

وقد عَبقَت من ذلك الجَوِّ نَفْحةٌ

معطَّرةُ الأَنفاسِ طيّبةُ النَّثْر

أَليلتَنَا إِن لم تكونِي عبَارة

وحقِّك عن عُمرٍ فَدَيْتُكِ بالعُمْر

أَمِنْتُ بها إِتيان وَاشٍ وحَاسِدٍ

فَمَا مِنْ رَقيبٍ غَيْرُ أَنجُمِها الزُّهْر

ضَمَمْتُ إِلى صَدْري الحبيبَ مُعانِقاً

وهل لَكَ يَا قَلْبي مَحَلٌ سِوَى صَدْرِي

فَيَا ليلةً أَحْيَت فؤادي بِقُرْبِهِ

فأَحيَتْها سُكراً إِلى مطْلَعِ الفَجْر

ولما رأَيتُ الروحُ فِيها مُسَامِرِي

تيقَّنْتُ حقّاً أَنها ليلةُ القَدْر