قف بربع الأسى وقوف الطليح

قِف بِرِبعِ الأَسى وُقوفَ الطَليحِ

وَشِبِ الدَمعَ بِالدَمِ المَسفوحِ

وَاِقضِ مِن واجِبِ البُكاءِ فَعَينا

كَ تَجودانِ عَن فُؤادِ قَريحِ

إِنَّ شَدوَ الزَمانِ نَوحُ الثُكالى

وَحُمَيّاهُ كُلُّ دَمعٍ سَفوحِ

وَسَيَفنى كَما فَنَينا وَيَلقى

ما لَقينا مِن فُرقَةٍ وَنُزوحِ

وَتَغولُ المَنونُ مِنّا أُناساً

ذَهَبوا إِذ مَضَوا بِجِسمي وَروحي

وَأَرى الدَهرَ شامِتاً بِالمَعالي

في سَليلي فَتىَ بَني مَطروحِ

طَلَعا طَلعَةَ الهِلالِ عَلَينا

وَاِستَسَرّا سِرارَهُ في الضَريحِ

هَصَرَت مِنهُما المَنونُ قَضيبَينِ

فَمالا مَعاً إِلى التَصريحِ

يا تُراباً أَجَنَّ شَخصَيهِما أَجَنَنتَ

رُكنَي عُلىً وَبابَي مَديحِ

وَصَغيرَينِ غَيرَ أَنَّ المَعالي

قَد يُمَتَّعنَ بِالصَغيرِ الصَريحِ

أَرِجَت تِلكُمُ البِطاحُ لِطيبٍ

ساطِعٍ مِنهُما بِعَرفٍ نَفوحِ

لَيسَ مِسكاً وَإِنَّما هُوَ طيبُ الذِكرِ

تَسري بِعَرفِهِ كُلُّ ريحِ

ضَلَّ سَعيُ البُكاةِ إِلّا عَلى أَحمَدَ

يا نَفسُ أَسعِديني وَنوحي

مُرَّ إِذ لا مُحَمَّدَ الحَيِّ باقٍ

فَاِستَشفا ثَمادَ قَلبي القَريحِ

أَسعِداني يا فَرقَدانِ وَغورا

فَرقَدا الأَرضِ غَوِّرا في الصَفيحِ

كَيفَ تَبقى النُجومُ بَعدَهُما لَم

تَنكَدِر وَالجِبالُ ذاتُ جُنوحِ

كَيفَ لَم تَلفِظ المَقابِرُ مَوتا

ها وَيَبدُ وَالأَديمُ غَيرَ صَحيحِ

لَيسَ إِلّا التَصَبُّرِ أَجدى

مِن بُكاءٍ يَدومُ غَيرَ مُريحِ

وَلَقَد قُلتُ لِلوَزيرِ أَبي الحَجّاجِ

صَبراً لِرَيبِ دَهرٍ مُشيحِ

مِثلُ مَفقودِكَ اِتَباحَ حِمى الصَبرِ

كَما مِثلَكَ اِرعَوى لِلنَصيحِ

فَاِصطَبِر وَاِرتَقِب مُراجَعَةَ الحُسنى

مِنَ اللَهِ فَهوَ غَيرُ شَحيحِ