أبا حسن كم ألوم الفراق

أَبا حَسَنٍ كَم أَلومُ الفِراقَ

وَحَظِّيَ يوجِبُ أَن يَبعُدا

وَكَم أَمطُلُ النَّومَ حَتّى أَراكَ

وَأَمنَعَ عَينِيَ أَن تَرقُدا

فَقَد صارَ لي فيهِما عادَة

تُعَلِّمُ نَومِيَ أَن يَشرُدا

عَذيري مِنَ الرُّومِ جارَ الفِراقُ

عَلَيَّ بِحُكمٍ لَهُ وَاِعتَدى

دَعَوتُكَ مِن أَرضِهِم عانِيا

فَناهَلتَني ذَلِكَ المَورِدا

وَأَوثَقتَ نَفسَكَ خِرصاً عَلَي

يَ حَتّى عَدمتُ بِأَن أَوجَدا

فَلا كانَ وَعدُهُم ما أَغَث

ثَ فيهِ المِطالُ وَما أَبرَدا

لَعَلَّ مَقامَكَ هَذا الطَّويلَ

يَكونُ لحينَهمُ مَوعِدا

فَيُخرِجُ بطريكَهُمُ مُسلِماً

وَيَجعَلُ قُسّاً بِهِم مَسجِدا

فَيَعلَمُ حازِمَهُم أَنَّهُم

أَثاروا بِكَ الأَسَدَ المُلبَدا

وَإِنَّكَ قَد جئتَهُم مُصلِحاً

فَكُنتَ بِجَهلِهمُ مُفسِدا

فَإِن طَلَبوا مِنكَ عَودَ البِلادِ

فَقَد لَحِقَ الأَقرَبُ الأَبعَدا

وَإِن حاوَلوا بِكَ سَيرَ الجِراحِ

فَقَد شَرَعَت في العِظامِ المُدى

وَخبَّرتَ قَومَكَ ظَنّوا ثَوا

كَ عِندَهُمُ أَبَداً سَرمَدا

فَأَسرَفَ إِذلالُهُم في الجَفا

وَجاءَ يَفوقُ الَّذي عَوَّدا

وَإِن لَم تَكُن صافِحاً عَنهُمُ

فَمِن أَينَ صِرتَ لَهُم سَيِّدا

أَبوكَ أَبوهُم وَلَولا الضِّيا

ءِ ما فَضَلَ القَمَرُ الفَرقَدا

لَكَ الخَيرُ عِندي داء مَرِضتُ

فَكُنتُ أُكاتِمُهُ العوَّدا

وَفَنٌّ مِنَ الوَجدِ ما أَستَعينُ

بِغَيرِكَ مِن جودِهِ مُسعَدا

أُريدُ لأَكتَم وَالواسِطي

يُ يَفضَحُهُ كُلَّما غَرَّدا

نَدِمتُ كَما نَدِمَ البُحتُرِيُّ

وَزِدتُ عَلَيهِ بِبُعدِ المَدى

فَدونَ هَوايَ فَلاً لَو سَرى

نَسيمُ الرِّياحِ بِهِ ما اِهتَدى

فَهَل عِندَ رَأيِكَ مِن حيلَةٍ

تُعينُ بِها هائِماً مُفرَدا

فَقَد طالَما أَنقَذَتني يَداكَ

وَقَد عَلِقَتني حِبالُ الرَّدى

وَحملتَ مالَكَ ما لا يُطاق

فَكُنتَ عَلى عُسرِهِ أَحمَدا

وَوَاللَّهِ لا شِمتُ غَيثاً سِواكَ

فَإِمّا نَداكَ وَإِمّا الصَّدى