أما ظباك فقد دانت لها الأمم

أَمّا ظُباكَ فَقَد دانَت لَها الأُمَمُ

فَما تُخالِفُها عُرب وَلا عَجَمُ

يَجري القَضاء بِما تَهوى فَإِن جَمَحَت

عَنها القُلوبُ أَطاعَت أَمرَها القِمَمُ

تُروي وَتُحيي نُفوسَ العائِذينَ بِها

فَعِندَها نِعَمٌ في طَيِّها نِقَمُ

كَأَنَّما هِيَ لِلأعمارِ مالِكَةٌ

فَمِن مَضارِبِها تُعطي وَتَختَرِمُ

نادَت نُمَيرٌ فَلَبَّتها وَقَد لَؤمَت

فيها الكِرامُ وَماتَت دونَها الهِمَمُ

فَضارَبَ الخَوفُ عَنها وَهيَ مُغمَدَة

وَلَيسَ كُلُّ ضِراب أَن يُراقَ دَمُ

أَغنى كِتابُكَ عَن جَيشٍ تُجَهِّزُهُ

وَوَقَّرَ السَّيفُ لَمّا أَقنَعَ القَلَمُ

يا هِمَةً حَمَلَ الإِسلامُ مِنَّتَها

وَنِعمَةً صَغُرَت في جَنبِها النِّعَمُ

هَل عِندَ قَبرِ شَبيبٍ مِنكَ مَعرِفَةٌ

فَرُبَّما صَنَعَت ما تَصنَعُ الدِّيَمُ

دَعَتكَ رِمَّتُهُ وَالتُّربُ بَينَكُما

وَمِن فُروضِ العُلى أَن تَسمَعَ الرِّحَمُ

فَلَم يَكُن بِكَ فيما قالَهُ حَصَرٌ

وَلا بِسَمعِكَ عَمّا قالَهُ صَمَمُ

أَعراضُ قَوم أَفادوكَ الفَخارَ بِها

فَإِن دَعوا بِكَ تَحميها فَما ظَلَموا

ماتوا وَلَكِنَّهُم أَحيا بِذِكرِهِم

إِنَّ الثَّناء وجُودٌ ما لَهُ عَدَمُ

أَحيَت سُيوفُكَ مَيتَ العِزِّ في مُضَرٍ

وَأَسفَرَت بِسَناها عَنهُم الظُّلَمُ

كانَت لَهُم آيَةً في الفَخرِ واحِدَة

حَتّى خُلِقتَ فَصارَ الدِّينُ وَالكَرَمُ

قالَت عداتُكَ طُرقُ المَجدِ خافِيَةٌ

وَما عَلَيكَ إِذا أَبصَرتَها وَعَموا

كَم خُلَّةٍ لَكَ راموا سَترَ شارِفها

حَتّى رَأوهُ صَباحاً لَيسَ يَنكَتِمُ

أَطلَعتَ مِنها شُموساً غَيرَ آفِلَةٍ

وَعانَدوكَ فَقالوا إِنَّها شِيَمُ

ما أَيقَنوا لِغَريبٍ مِن بَدائعِها

إِلّا وَقَد جَهِلوا فَوقَ الَّذي عَلِموا

وَلا أَطاعوكَ إِلّا بَعدَ مَعرِفَةٍ

بِأَنَّ مِثلَكَ لا يَعصيهِ مِثلَهُمُ

شَفَت سُيوفُكَ داء مِن عُقوقِهِمُ

لَها وَرُبَّ شِفاء كُلُّهُ سَقَمُ

يا ابنَ الأُلى رَضَعوا خَلفَ النَّدى فَربوا

بِدرِّهِ ثُمَّ ماتوا قَبلَ ما فُطِموا

لا تَأسَفَنَّ لِمَوتاهُم إِذا ذَهَبوا

فَما مَضى أَحَدٌ مِنهُم وَأَنتَ هُمُ

ما يُخبِرُ النّاسُ عَن قَوم بَقِيَّتُهُم

أَبو سَلامَةَ إِلّا أَنَّهُم سَلِموا