شرفت بنظم مديحك الفكر

شَرُفَت بِنَظمِ مَديحِكَ الفِكَرُ

وَتَجَمَّلَت بِحَديثِكَ السِيَّرُ

آثارُ جودِكَ غَيرُ خافِيَةٍ

لا البَحرُ يُنكِرُها وَلا المَطَرُ

وَلِسَعدِ جَدِّكَ في الوَغى عِبَرٌ

إِن كانَتِ الأَلبابُ تَعتَبِرُ

أَينَ الَّذينَ بِبُعدِهِمُ أَمِنوا

وَلَرُبَّ أَمنٍ كُلُّهُ حَذَرُ

أَضمَرتَ عَزماً في طِلابِهِمُ

فَمَضى يُسابِقُ سَيفَكَ القَدَرُ

فَكَأَنَّما خافَت نَوائِبُهُ

مِن جَيشٍ عَفوِكَ حينَ تَقتَدِرُ

فَأَتَتهُمُ هَوجاء خابِطَةٌ

كَالمَوتِ لا تُبقي وَلا تَذَرُ

تَفري وَبيضُ ظُباكَ مُغمَدَة

كُلُّ لَعَمرُكَ صارِمٌ ذَكَرُ

ما يَصنَعونَ وَفي ذَوابِلِها

طُولٌ وَفي أَعمارِهِم قِصَرُ

سَل جِلَّقاً عَنهُم وَما صَنَعَت

بِهِم وَعِندَ جُهَينَةَ الخَبَرُ

وَمُطوَّحٌ عَنها يُراقُ لَهُ

في كُلِّ ناحِيَةٍ دَمٌ هَدَرُ

تَرمي البِلادُ بِهِ مُعَوَّدَة

أَن لا يُقَصُّ وَراءَها أَثَرُ

أَنَزَلتَها جاراً وَتَترُكُها

هَرَباً لبئسَ الوِردُ وَالصَّدَرُ

وَمِنَ الشَّقاءِ نَأَيتَ عَن نَفَرٍ

أَرداكَ جدهم وَما شَعَروا

وَلَقَد سَأَلتَهُمُ فَما بَخِلوا

وَعاقَلتَ عَهدَهُمُ فَما غَدَروا

وَبَنوا لِبَيتِكَ إِن فَخَرتَ بِهِ

عَلياءَ يَحسُرُ دونَها البَصَرُ

غَلَبَ المُلوكَ عَلى مَعاقِلِها

أَسَدٌ إِمام طِلابِهِ الظَّفَرُ

أَلقى عَلى الشَّهباءِ كَلكَلَهُ

وَلَهُ بِكُلِّ ثَنِيَّةٍ ظَفَرُ

وَعَلا النُّجومَ فَظَنَّ حاسِدُهُ

أَنَّ السَّماءَ إِلَيهِ تَنحَدِرُ

خَلَصَت بِهِ الدُّنيا وَما عُرِفَت

إِلَّا وَفيها النَّفعُ وَالضَّرَرُ

وَجَلَت قَذى الأَيّامِ دَولتُهُ

وَلِكُلِّ صَفوٍ دونَها كَدَرُ

شَهِدَت رِياضَتُهُ حَوادِثَها

إِنَّ الزَّمانَ إِلَيهِ مُفتَقِرُ

فَكَأَنَّما آلَت مَواهِبُهُ

أَن لا يَفوتَ مُؤمِّلاً وَطَرُ

عَجَباً لِمَغرورٍ وَقَد ظَهَرَت

لِسُيوفِكَ الآياتُ وَالنُّذُرُ

وَمُعَرِّضٍ لِقَناكَ ثَغرَتَهُ

مِن بَعدِ ما شَقِيَت بِهِ الثُّغَرُ

لَعِبَ الرَّجاء بِفَضلِ عِزَّتِهِ

وَلَهَت بِعازِبِ لُبِّهِ الفِكَرُ

وَمِنَ المدى ما دونَهُ أَمَدٌ

لا يَستَقِلُّ بِمِثلِهِ العُمُرُ

وَإِذا تَدَبَّرَتِ النُّجوم فَلا

سَهمٌ وَلا قَوسٌ وَلا وَتَرُ

غُرَّت عَقيلاً هَفوَة عَرَضَت

يَصحو الزَّمانُ لَها وَيَعتَذِرُ

خافَ الكَمال عَلى عُلاكَ بِها

وَمِنَ الكَمالِ يُحاذِرُ القَمَرُ

لا تَغفَلوا عَنها فَإِنَّهُمُ

يَدرونَ أَيَّ فَوارِسٍ وَتَروا

يا ابنَ الأُلى فَخَرَت بِجُودِهِمُ

مُضَرٌ وَما أَدراكَ ما مُضَرُ

يَكفيكَ نَصراً مِنهُمُ نَسَباً

مَعنى عَلى المُدّاحِ مُختَصَرُ

أَهوَن بِشِعري بَعدَ ما سَبَقَت

مَدحي إِلَيكَ ذَرائِعٌ أُخَرُ

وَدَعِ القَوافي السّائِراتِ وَلَو

كانَت نُجوماً قيلَ تَستَتِرُ

فَلَطالَما فاضَت يَداكَ عَلى

قَوم وَما نَظَموا وَلا نَثَروا

ما أَخَّرَتني عَنهُمُ قَدَمٌ

لَو كانَ فِيَّ وَفيهِمُ نَظَرُ

لَكِنَّهُ قَدَرٌ رَضيتُ بِهِ

قَسراً وَكَيفَ يُغالِبُ القَدَرُ

بَيني وَبَينَ الحَظِّ داجِيَةٌ

عَمياءَ لا نَجمٌ وَلا سَحَرُ

لا يَهتَدي فيها وَلَو طَلَعَت

مِن أفقِها أَخلاقُكَ الغُرَرُ

وَأَرى وَحاشاكَ الكِرامُ وَما

لي عِندَهُم ظِلٌّ وَلا ثَمَرُ

لَو أَنَّني نَبَّهتُ في وَطَرٍ

عُمُراً لَماتَ مِنَ الكَرى عُمَرُ