ما أذاعت ريح الصبا لك سرا

ما أَذاعَت ريحُ الصَّبا لَكَ سِرّاً

إِنَّما عَرَّضَت بِهِ وَهيَ سَكرى

وَعَلى أَنَّها تَنِمُّ فَقَد أَه

دَت نَسيماً مِنَ العُذَيبِ وَعِطرا

وَأَتى البارِقُ الَّذي بِتَّ تَرعا

هُ فُنوناً مِنَ الخِيانَةِ أَخرى

باتَ يَطوي ذَيلَ الدُّجى وَيُضيءُ ال

بيدَ حَتّى يَظُنَّهُ الطَّيفُ فَجرا

فَمَتى يَعرِفُ الوَفاءَ وَما يَذ

كُرُ إِلّا لَوماً عَلَيكَ وَعُذرا

وَإِذا كُنتَ ما وَجَدتَ لأَشجا

نِكَ حُرّاً فَمُت بِدائِكَ حُرّا

يا خَليلَيَّ قَد سَئِمتُ أمانِي

يَ وَأَنفَقتُ في القَناعَةِ عُمرا

فَاطلِقا مِن أَزِمَّةِ العِيسِ ما شا

ءت فَإِنَّا في رِبقَةِ الهَمِّ أَسرى

زادَ عَرضُ الفَلا عَلَيها كَما طا

لَ الدُّجى فَهيَ وَالكَواكِبُ حَسرى

تَتَرامى بِها البِلادُ وَما تَشُد

دُ إِلّا رَسماً مِنَ الجودِ قَفرا

فاعذُراها إِن أَخفَقَت فَلَقَد را

مَت عَسيراً مِنَ المَطالِبِ وَعرا

نَقَصَ الدَّهرُ حَظَّها مِن بَنيهِ

فَهيَ تَبغي حَظّاً وَناساً وَدَهرا

وَلَعَمري لَقَد كَفاها نَصِيرُ ال

مُلكِ فَلنوسِع البَرِيَّةَ عُذرا

رَتَعَت مِن جَنابِهِ في رِياض

ضَوَّعَتها فيهِ ثَناء وَذِكرا

وَسَرى جودُهُ إِلَيها عَلى البُع

دِ كَما تَحمِلُ النَّسائِمُ عِطرا

وَرَدَت مَشرَعَ المَكارِم مَلآ

نَ وَحَيَّت وَجهَ الزَّمانِ أَغَرّا

طَلعَةٌ كَالصَّباحِ يَلمَعُ فيها

بارِق لِلسَّماح سَمَّوهُ بِشرا

وَبَنان إِذا تَجَهَّمَتِ الأَنوا

ء أَحرى بِهِ سَحائِبَ عَشرا

يَسبِقُ السَّمهَرِيُّ طولاً وَطَولاً

وَيَفوتُ الهِندِيَّ أَثراً وَأَثرا

شَرَفاً يا بَني فَزارَةَ قَد أَح

يا نَداهُ عَلَيكَ حِصناً وَبَدرا

وَغِنىً عَن مَواهِبِ المُزنِ بِالغو

رِ فَقَد صارَتِ البُحَيرَةُ بَحرا

حَلَّ فيكَ ابنُ مُلهَم وَخَصيبُ ال

رَوضِ ما كانَ عَيشُهُ مُستَقِرّا

عارِض يَستَهِلُّ جوداً وَفيهِ

بارِق رُبَّما تَوَقَّدَ جَمرا

فَجَرى ماؤُهُ مَواهِبَ بيضاً

وَوَرَت نارُهُ قَواضِبَ حُمرا

قَد عَرَفنا ضِرامَهُ كَيفَ يَصلى

وَعَلِمنا غَمامَهُ كَيفَ يُمرا

فَوَجَدنا جَناهُ في السِّلمِ حُلواً

وَرَأَينا لَظاهُ في الحَربِ مُرّا

خَطَراتُ الزَّمانِ بُؤسَى وَنُعمى

وَفُنونُ الأَقدارِ نَفعاً وَضَرّا

عَلِمَ النّاسُ كَيفَ يَسعى إِلى ال

مَجدِ وَلَكِن باتوا نِياماً وَأَسرى

وَأَراهُم مِن جُودِهِ كُلَّ عَذرا

ءِ عَلى أَنَّها مَواهِبُ تَترى

وَإِذا عَدَّ حامِداً وَعَلِياً

وَسَليمَ النَّدى وَكَعباً وَبَكرا

مِنَّةٌ لَم يَجُد بِها غَيرُ كَفَّي

هِ فَأَعجِب بِها عَواناً وَبِكرا

سَبَقَ النّاسَ أَولاً وَأَخيراً

وَحَوى المَكرُماتِ بَدواً وَحَضرا

طَرَقَ الشامَ مِن فِراقِكَ خَطبٌ

لا يُرى بَعدَهُ مِنَ العُسرِ يُسرا

عَلِمَ الرّوم أَنَّ سَيفَكَ حامي

هِ فَقَد حاوَلوا لِبُعدِكَ أَمرا

وَأَجابَ المُحارِبونَ إِلى السِّل

مِ فَراراً مِنَ الطِّعانِ وَكُفرا

وَإِذا ما خَلا العَرينُ مِنَ اللَّي

ثِ أَغارَ السُّرحانُ فيهِ وَكَرّا

عَوَّدَتهُم ظُباكَ جامِحَةَ الفَر

رِ وَسَنَّت فيهِم جِيادُكَ ذُعرا

وَتَحامَتكُم المَعاقِلُ لَمّا

مَلَكَتها لَكَ الصَّوارِمُ قَسرا

طَلَعَت نَحوَهُم مِنَ الجَونِ جَون

وَجَدوها بِاللاذِقِيَّةِ شُقرا

مُقرَبات مِثلُ السَّراحينِ إِلّا

أَنَّها تَقنِصُ الفَرائسَ جَهرا

وَخَميسٌ أَلقى عَلى طَرَفِ السا

حِلِ شَطراً وَفي العَواصِمِ شَطرا

تَثَنّى قَناهُ سُكراً وَما تَش

رَبُ إِلّا دَمَ الفَوارِسِ خَمرا

قادَهُ مُرهَفُ العَزيمَةِ وَالرَّأ

يِ إِذا قَدَمُ المُحارِبِ غِرّا

هَذَّبَت فِكرُهُ التَّجارِبُ حَتّى

هَتَكَت دونَهُ مِنَ الغَيبِ سِترا

رَفَعَ اللَّهُ مِن لِوائِكَ لَمّا

كانَ عِزّاً لِلمُسلِمينَ وَنَصرا

طُلتَ قَدراً عَنِ المَديح فَما أَذ

هَبُ فيهِ إِلّا وَفاء وَشُكرا

زَفَرات أَثَرتُهُنَّ مِنَ الشَّو

قِ وَإِن كُنَّ في المَسامِع شِعرا

وَثَناء كَأَنَّما أَطلَع الصُّب

حَ ضِياء وَأَرَّجَ الرَّوضَ نَشرا

يُخبِرُ النّاسَ إِنَّ في ذِكرِ إِح

سانِكَ دَيناً وَفي ثَنائي سِحرا