تكلم بالوحي البنان المخضب

تكلَّمَ بالوحيِ البَنَانُ المُخَضَّبُ

وللّهِ شكوى مُعجِمٍ كيفَ يُعرِبُ

أإيماءُ أطرافش البَنانِ وَوَجههَا

أبانا له كيفَ الضَمير المُغيَّبُ

وقد كان حُسنُ الظنِ أنجبَ مرّةً

فأحَمدَ عُقبَى أمرِه المُتَعَقِّبُ

فلمّا تَدَبرتُ الظنونَ مُراقباً

تقلّبَ حاليها إذا هيَ تكذِبُ

بدأتَ بأحسانٍ فلمّا شكرتُه

تنكّرتَ لي حَتّى كأنِّيَ مُذنِبُ

وكُلُّ فتىً يَلقى الخطوبَ بعزِمِه

لَهُ مَذهَبٌ عمّن له عَنهُ مذهَبُ

وهل يصرعُ الحبُّ الكريمَ وقلبهُ

عليمٌ بما يأتي وما يتجَنّبُ

تأنيتُ حتّى أوضحَ العلمُ أنني

مع الدهر يَوماً مُصعِدٌ ومُصَوّبُ

وألحقتُ أعجازَ الأمور صدورها

وقَوَّمها غَمزُ القِداحِ المقَلِّبُ

وأيقنتُ أنَّ اليأسَ للعِرضِ صائنٌ

وأن سوفَ أغضَي للقَذَى حينَ أرغبُ

أغادرتني بينَ الظنونِ مُمَيّزاً

شَواكل أمرٍ بينهُنّ مُجَرِّبُ

يُقرّبني مَن كنتُ أصفيكَ دونَه

بوُدّي وتَنأى بِي فلا أَتَقَرّبُ

فللّه حَظّي منكَ كيفَ أضاعَه

سُلُوُّكَ عنيّ والأمورُ تَقَلّبُ

أبعدكَ أستَسقِي بَوارقَ مُزنَةٍ

وان جادَ هطّالٌ من المُزنِ هَيدَبُ

إذا ما رأيتُ البرقَ أغضيتُ دونَه

وقلتُ إذا ما لاحَ ذا البرقُ خُلّبُ

وإن سَنَحَت لي فُرصةٌ لم أسامِها

وأعرضتُ عنها خوفَ ما أترقَّبُ

تَأدّبتُ عن حُسنِ الرجاءِ فلن أرى

أعودُ له إِنّ الزمانَ مُؤدِّبُ