نجوم أمدتها بدور كوامل

نجوم أمدتها بدور كواملُ

لها النور من شمس الخلافة شاملُ

وفي الشهب من بدر السماء مَشابهٌ

وفي البدر من شمس النهار مخايلُ

وتُعرف فيها من أبيها شمائلٌ

كما في أبيها من أبيه شمائلُ

مرتبُ في عد الحساب ثلاثة

وهنَّ لأقمار العلاء منازلُ

طلعن على حكم السعود أهلّةً

وسَرعان ما تبدو وهنَّ كواملُ

تجلت إلى الأبصار من أفق الهدى

وَبُثَّت إلى الأنصار منها وسائلُ

فيا أيها المولى الذي شاد آخراً

من الفخر ما لم تستطعه الأوائلُ

بنُوك كأمثال الأنامل عدة

فزانت يدَ الإسلام تلك الأناملُ

غصون بروض الجود منك ترعرعت

وقد جادها من صوب نعماكَ وَابِلُ

فوالله ما أدري إذا ما تذوكرت

أأَخلاقها تُجلى لنا أمْ خمائلُ

غيوثُ سماح والعفاة مسايلٌ

ليوث كفاح والكماة تنازلُ

سيوفٌ محلاَةً على عاتق الهدى

إذا تُنْتَضى تمضي وتنبو المناصلُ

تخاف عُداة الدين منهم وتتقي

كما تتقي الأسدَ الظباءُ الجوافلُ

وإن أبا الحجّاج وهو كبيرهم

محلُّ كثيرٍ دونه ممتضائلُ

عليك إذا استقبلت غرة وجهه

تخيلت أن الشمس في ما تقابلُ

إذا استُمطرت في المحل سُحْبُ بنانه

فهنّ لمستجدٍ هَوامٍ هواملُ

وإن سال ماء البشر فوق جبينه

فليس بمدفوع عن الورد سائلُ

تقلّدَ منه عاتق الملك صارماً

له العزم نصل والسعود حمائلُ

وأبناؤه در تناسق عِقُدُهُ

يُحلَّى بهم من لَبَّةِ الفخر عاطلُ

أزاهر في روض المحاسن أينعت

فلا روضها ذاوٍ ولا الزهر ذابلُ

زواهر في أفق العلاء تطلعتْ

يشابِهُ بعضٌ بعضَها ويُشاكلُ

فما منهم إلا أغرُّ مُحَجْلٌ

بورد المعالي في الشبيبة ناهلُ

أَقمت لها الأعذار موسم رحمة

تسنّتْ به للمتقين المآملُ

وما هو إلا مورد لسعادة

تفيض لها منه المنى والفواضلُ

وأجريتَ سَرعان الجياد بملعب

تذكّر فيه موقفَ الجِدِّ هازلُ

نجوم وآفاق الطراد مشارق

عليها بدورٌ من وجوهِ كواملُ

مفاتيح أبواب الفتوح فطالما

أُبيحت بها للكافرين المعاقلُ

فأشهبُ كالإصباح راق أديمه

وغالت به شهبَ السماء الغوائلُ

ألم تَرَ أن الشهب في الأفق كلّما

تجلّى له الإصباح فهْيَ أوائلُ

وأحمرُ زان الوردُ منه خميلةً

يَحُفُّ به نهرٌ من السيفِ سائلُ

جرت لونَه من فوقه مهج العدا

فلله منه الجامد المتسايلُ

تلاقي به أمثالَه فكأنها

جِمارٌ وقد أذكى بها البَأس باسلُ

إذا قبست بالركض في حومَةِ الوغى

تنير بها ليلَ القتام مشاعلُ

وأشقرُ مهما حاول البرقَ في مدى

يفوتُ جوادَ البرق منه المحاولُ

تحلَّى بمحْلول النُّضار أديمهُ

فكل محلَّى دونه فهو عاطلُ

وأدهمُ في مِسحِ الدُّجى متلفّعٌ

وقد خاض منه في الصباح الأسافلُ

يُكَلَّلُ بالجوزاء حَلْيُ لجامه

فدرُّ الدراري من حِلاهُ عواطلُ

ولم يُرضِه سرج الهلال مُفضْضاً

فأعرض عنها للأهلة ناعلُ

واصفر في ثوب الأصيل قد ارتدى

ورُبَّتَما ودّتْ حِلاه الأصائلُ

وقد قُدْ من بُرد العشيّ جِلالُه

وفي ذيله صبغ من الليل حائلُ

وصاعدةٍ في الجو ملء عنانها

تُسامتُ أعنان السما وتطاولُ

طلعت تحيّي البدر منها بصعدة

عليها لواءُ الصبح في الأفق مائلُ

وقد أعربت بالرفع عن طيب فخرها

متى نصبتها في الفضاء العواملُ

يمدُّ لها الكفٌُّ الخضيب بساعدٍ

ويشكي السماك الأعزل الرمح عاملُ

وتنتابها هيفُ العصي كأنها

سِهام وعاها للرمية نابلُ

تُراوغها طوراً وطوراً تُضيفها

فسامِ لأعلى مُرتقاها ونازلُ

وبالأمس كانت بعض أغصان دوحها

فنقَّلها عنها على الرغم ناقلُ

فحنت إلى أوطانها وتسابقت

تعاود مسراها بها وتواصلُ

وبرج منيف في ذراها قد ارتقى

لتُرفَعَ منه للبروج الرسائلُ

تَطَوَّر حالات أتى في جميعها

بأوضاع حلي وصفه متغافلُ

فتاجُ بأعلاها وشاح بخصرها

وفي الساق منه قد أُديرت خلاخِلُ

وما هو إلا قائم مدَّ فلكه

إلى الله في البقيا لما صَدَّ سائلُ

ولله عينا من رأى القصر حوله

منازلُ بالنصر العزيز أواهلُ

تروقك فيه للبدور مطالعٌ

إذا مثلَتْ في ساحتيه الأماثلُ

مظاهر أقمار مراتبُ أنجم

منازلُ بالنصر العزيز أواهلُ

وقد كان هولُ الحفل رَوْعَ أَهِلَّةٍ

وأُشِعرَتِ الإشفاقَ تلك المحافلُ

فأبدت به أبناء نجلك أوجهاً

تبين إلى السارين منها المجاهلُ

فلا الحفل مرهوب ولا الخطو قاصر

ولا السرب مرتاع ولا الروع هائلُ

ولا القلب منخوب ولا الحِلمُ طائش

ولا العقل معقول ولا الفكر ذاهلُ

أولئك أبناء الخلافة بوكروا

وتجري على أعدائهنَّ الصواهلُ

هنيئاً بها من سنّة نبويّة

زها الفخرَ محصول لديها وحاصلُ

ورُحمى له من عاذر بان عذره

وأوهم نقصاً فضله متطاولُ

فنقص هلال الأفق ما زال مؤذناً

لمرآه أن يبدو لنا وهو كاملُ

ومن نقص ظل الشمس تزداد رفعةً

إلى أن تُرى والظل في الشرق مائلُ

وإن تابع النقص الشهور فإنها

على إثره تأتي وهنّ كواملُ

ونقص صلاة الظهر يوم عَروبةٍ

لمعنى كمال أوضحته الدلائلُ

وإن نقص البازي رياش جناحه

يزيد استباقاً وهو للصيد خاتلُ

ونستفرغ الأنعام ما في ضروعها

عشياً لتغدو والضروع حوافلُ

ونقص زكاة المال فيه وُفورُه

ومشق ذباب السيف يخشاه صاقلُ

لك الخير من صنع جلوتَ محاسناً

يُحدّي بها حادي السُّرى ويناقلُ

ألا هكذا فليعقد الفخرُ تاجَه

ويسمو إلى أوج العلا ويطاولُ

بأبلج غار الصبح منه بطلعة

لها البدر تاج والنجوم قبائلُ

إذا خطب العليا تخطّتْ بركبِهِ

على خطر المسعى القنا والقنابلُ

ولو رام إدراك النجوم بحيلة

لأحرزَ من إدراكها ما يُحاولُ

وإن طلبت زُهرُ النجوم لَحَاقَهُ

فمن دون ما تبغي المدى المتطاولُ

وتخفُقُ بالنصر العزيز بنودُهُ

إذا خَفَقَت فيها الصّبا والشمائلُ

وليل جهاد بات يرعى نجومه

فلا الليل مُنْجَابٌ ولا النجم آفلُ

يُراعي حماة الدين فيه بمقلة

يُراعي بها الإسلامَ كافٍ وكافلُ

إذا اشتاق هزّ الريح خافق بنده

وإن حَنَّ غنَّتْه الجياد الصواهلُ

وفي الله عن وصل الأحبة مرغَبٌ

وفي الغزوِ عن ذكر المنازل شاغلُ

من الخزرجين الَّذين نمتهُمُ

عشائر من قحطانها وفصائلُ

تسامى إلى ماء السماء فجودُهُ

بماء سماءٍ في البسيطة حائلُ

أقول لمستامِ الربيع وقد غدا

يَرودُ مَصَابَ الغيث والعامُ ماحلُ

أمامك دار للغنيِّ بربه

بأرجائها للمعتفين مناهلُ

تفجّر من كفيه عشرة أبحر

يغَضُّ بهنّ البحر وهي أناملُ

فتجري بها سفُنُ الرجاء إلى مَدّى

وليس إلى الجودي من الجود ساحلُ

فراجيه تستجدي العفاة نوالَهُ

وسائلُه تُرجى إليه الوسائلُ

أحاديثُ عنه في السماح غريبةٌ

يُروّي عواليها عطاءٌ وواصلُ

لك الله من نالٍ غمامُ بَنانه

أَقامت فروضَ البِرِّ منها النّوافلُ

طلعتَ بأفق الغرب نَيَّرَ رحمةٍ

وقد شَرُفَتْ منك العُلا والفضائلُ

فحمدك أحرى ما أفادت حقائب

وذكرك أسنى ما أقلّت رواحلُ

تروم جواري الشُّهب شأوّكَ في العُلا

ومن دونه للنَّيِّرات مراحلُ

وفي الصبح من ذاك الجبين أشعةٌ

وفي الشمس من ذاك المحيَّا دلائلُ

وفي الروض من رياك عَرفٌ ونَفْحَةٌ

وفي الغيث من يُمناك جود ونائلُ

إذا أنت لم تُزْجِ الجنود إلى العلا

فإن جنود الله عنك تقاتلُ

وإن لم تقوِّمْها سهاماً مريشةً

فإن سهام الله عنك تناضلُ

تريش لك الأقدار أسهم أسعد

تُصَابُ بها للدارعين مقاتلُ

لك العز تستجلي الخطوبُ بنوره

فليس له إلا الصّباحَ مماثلُ

إذا العزم لم يصقلْ حسامَ كميِّه

فما نافع ما قد جَلّتُهُ الصياقلُ

فقبل مضاء السيف تُمضي عزائمٌ

وبعد بناء الرأي تُبنى المعاقلُ

وما يستوي والعلم لله وحده

عليم بأعقاب الأمور وجاهلُ

تُظلَّلُ سحبُ الطّير جيشَكَ حيثما

تميلُ به الراياتُ وهي حواملُ

فلاقى بها عقبان طير وراية

تُبيد الأعادي والرماحُ حبائلُ

فقل لعميد الروم دونك فارتقبْ

طلائعَ فيها للمنايا رسائلُ

وشِمْ بارقَ السيف اللموع جفونُه

سحابُ قتام تحته الدَّمُ سائلُ

ولا تزجُر الغربان في البحر إنها

سفائن والبحرُ المذلَّلُ حاملُ

ولكنها واللهُ يُنجزُ وعده

جوارٍ بآساد الرجال حواملُ

ومخضرَةِ الأرجاء في جَنَبَاتها

مسارحُ تحميها الرماحُ الذّوابلُ

ترى الدوحَ منها بالأسنة مزهراً

إذا ما سقته للسيوف الجداولُ

تَبُلُّ غليلَ الرمح من مُهج العدا

إذا ما كَسَتْ منها الرَماحُ غلائلُ

فيا عجباً للرمح روِّيتَهُ دماً

وقد راق منه العينَ ريّانُ ذابلُ

لقد كَملَتْ فيك المحاسنُ كلُّها

وما كلُّ من يُعطي الخلافة كاملُ

فعند جميع الخلق شكرُك عاجلٌ

وعند الإلهِ الحقّ أجرك آجلُ

ودونك من نظمي جواهرَ حكمة

يفاخرُ منها السحر بالشعر بابلُ

وما هو غلا ذكرُ أوصافِك العلا

فتفعل يا مولايَ والعبدُ قائلُ

فتُتلى على الأسماع منها بدائع

وتُجلى على الأبصار منها عقائلُ

ولو أنني أدركتُ أعصار من مضى

لما قال فيها الشاعر المتخايلُ

وإني وإن كنت الأخير زمانُه

لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ

ولا افتخرت قدماً إيادٌ بقُسّها

ولا استصحبت سحبانَ في الفخر وائلُ

فلا زلت يا مولايَ موردَ رحمةٍ

عطاشُ الأماني في رضاك نواهلُ

تقيمُ رسوم المعلُوات بمغرب

وذكرُك في أقصى البسيطة جائلُ

وأدركتَ في الأعداء ما أنت طالب

وبُلِّغت في الأبناء ما أنت آملُ