أسرك يا مناي ولا أسوك

أَسُرُّكِ يَا مُنَايَ وَلاَ أَسُوكِ

وأَنْفِي بِالْهَوَى عَرَضَ الشُّكُوكِ

وأَحْمِيكِ الَّذِي تَخْشَينَ مِنْهُ

كما يَحْمِيكِ مِنْ عَارٍ أَخُوكِ

لَقَدْ بُلِّغْتُ فِيكِ مَدَى الْمَنَايَا

وَما بَلَغَتْ مَدَى عَشْرٍ سُنُوِكِ

أرَى الْهِجْرَانِ مِنْكِ يُحِيلُ صُبْحِي

وَمَا أَذْنَبْتُ لَيْلاً ذَا حُلُوكِ

وَدَهْرُ الْوَصْلِ يحكْي لِي رَبِيعاً

يُشَابِهُ نَبْتُهُ خَليَ الْهَلُوكِ

رِياضٌ نُمْرِجُ الأَلْحَاظَ فِيهَا

مُنَوَّرَةُ الأَعالي وَالسُّمُوكِ

بَهَارٌ قَدْ حَكَى الْعُشَّاقَ لَوْناً

عَلَى قُضُبٍ حَكَتْهُمْ في النُّهُوكِ

وَوَرْدٌ مِثْلُ خَدٍّ مِنْكِ رَاضٍ

جِوَارَ فَمٍ تَبَسَّمَ عَنْ مُسُوكِ

وَيَضْحَكُ أقحُوَانٌ فِيهِ يَحْكِي

لَنَا ثَغْراً تَكَشَّفَ عَنْهُ فُوكِ

تَطَلَّعَ بَيْنَ ذَاكَ وَبَيْنَ هَذَا

شَقَائِقُ مِثْلُ أَعْرَافِ الدُّيُوكِ

مَدَاهِنُ مِنْ عَقِيقٍ نَظَّمَتْهَا

يَدَا خَرْقَاءَ وَاهِيَةِ السُّلُوكِ

حَلَفْتُ بِغُرَّةِ الرَّاضِي فإِنِّي

أَرَاهُ حَقِيقَةً فَوْقَ الْمُلُوكِ

بأخَّاذٍ لِمَا يُرْجَى أَلُوفٍ

وعَيَّافٍ لِمَا يُخْشَى تَرُوكِ

عَبُوسٍ في انِتْهَاكِ الْمُلْكِ فَظٍّ

وطَلْقٍ في مَذَاهِبِهِ ضَحُوكِ

نَهُوضٍ بِالْخُطُوبِ إِذَا اعْتَرَتْهُ

فَرَاها هَبَّةَ السَّيفِ الْبَتُوكِ

عَشِيقُ الْمُلْكِ جَاءَ بِلا كِتَابٍ

يُرَجَّى الْوَصْلُ مِنْهُ وَلاَ أَلُوكِ

فَمَنْ للْبُخْلِ يُمْسكُ ما حَوَاهُ

فَمَا هُوَ بالْبَخِيلِ ولاَ الْمَسُوكِ

أَجَلُّ النَّاس آرَاءً وَعلْماً

مَقَالٌ لَيْسَ يُقْرَنُ بِالأُفُوكِ

وَمَا أَحْياهُ منْ سُنَنٍ تَعَفَّتْ

فَدَارَ صَلاحُها دَوْرَ الدَّمُوك

رَكُوبٌ للْمَنَابِرِ سَارَ قَصْداً

إلَيْها وَهيَ حَائِرَةُ السُّلُوكِ

فَذَكَّرنَا مَقَالٌ مِنْهُ فَصْلٌ

مَقَالَ الْمُصْطَفَى بِحِرَى تَبُوكِ

فأَطْلَعَ مِنْهُ شَمْسُ الْمُلْكِ سَعْداً

وَكَانَتْ نَحْسَةً بِشَفَا الدُّلُوكِ

لأَعْتَمِدَنَّ سَيْرَ الْمَدْحِ فِيهِ

بإِرِقَالٍ يَبَرُّ عَلَى الرُّتُوكِ

أَحُوكُ مِنَ الْقَصَائِدِ وَشْيَ مَدْحٍ

تُفَضِّلُهُ عَلَى الْوَشْيِ الْمَحُوكِ

لَقَدْ فَتَكَ الزَّمَانُ بِسُوءِ حَالِي

فَأنْقِذْنِي مِنَ الزَّمَنِ الْفَتُوكِ