قل للخليفة ترب العلم والأدب

قُل لِلْخَلِيفةِ تِرْبِ الْعِلْمِ والأدَبِ

وأَفْضَلِ النَّاسِ مِنْ عُجْمٍ وَمِنْ عَرَبِ

ومَنْ أَجَلَّ إلهُ النَّاسِ رُتْبَتَهُ

حتَّى علاَ وهَوَى الأملاكُ في صَبَبِ

قَدْ كان لِي مَوْعِدٌ في النَّسْخِ لَمْ أَرَهُ

وفاتَنِي القَدَحُ الْمَحْفُوفُ بِالطَّرَبِ

وحازَ صَحْبِي دُونِي طِيبَ مَعِرقَةٍ

لِباسُها أَفْخَرُ الأنْسابِ والحَسَبِ

وليْلَةُ الفِطْرِ أَبْقَتْ لِي حزازَتُها

ناراً تَرامى عَلَى الأحشاءِ باللَّهَبِ

فَجازَنِي بِرُّ مَوْلىً كان يَبْدَأُنِي

كأَنَّنِي ناقِصٌ فِي رُتْبَةِ الأدَبِ

أَلَمَّ بِي طَيْفُ حِرْمَانٍ فَأَرَّقَنِي

فَبِتُّ مُعْتَنِقاً للْهَمِّ والكُرَبِ

هذَا عَلى خِدمَةٍ مَا ذُمَّ سالِفُهَا

ودَوْلَةٍ لِي فِيها أَوْكَدُ السَّبَبِ

وأنَّنا نُقَباءٌ شاعَ نَصْرُهُمُ

نُلْقِي أَعادِيكُمُ في الحَرْبِ بِالحَرَبِ

ويَوْمَ مَرْوانَ أُفرِدْنا بِمَشْهَدِهِ

والفَخْرِ فِيهِ بِنَصْرِ السَّادَةِ النُّجَبِ

مقالَةٌ تُوردُ الأخْبارُ صِحَّتَها

مَوْجُودَةٌ فِي رِواياتٍ وفِي كُتُبِ

إن كانَ ذلِكَ مَزْحاً مِنْ إمَامِ هدىً

فَحَبَّذا هُوَ مِنْ مَزْحٍ وَمِنْ لَعِبِ

وَسَوْفَ يأْتِي سَرِيعاً مِنْهُ لِي عِوَضٌ

كَمَا أَتاهُمْ بِلا كَدٍّ وَلاَ تَعَبِ

فَالْعَيْشُ إن كانَ هذَا عَنْ خَبِيٍّ رِضاً

والمَوْتُ إن كانَ كُلُّ الْمَوْتِ عَنْ غَضَبِ

رَأَيْتُ وَجْهَ الرِّضَا أَعْلَى لطَالِبِهِ

مِنَ الصِّلاتِ إذَا تُوبِعْنَ وَالرُّتَبِ

لا تَجْعَلَنِّيَ نَهْباً للْهُمُومِ فَقَدْ

تَرَدَّدَ الظَّنُّ بَيْنَ الرَّغْبِ والرَّهَبِ

أَقُولُ قَوْلَ امْرِئٍ صَحَّتْ قَرِيحَتُهُ

مَا زَالَ فِي الدَّهْرِ ذا كَدْحٍ وذَا دَأَبِ

سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الآدَابَ في عُصَبٍ

حَظَّاً وصَيَّرَها غَيْظاً عَلَى عُصَبِ

ومِثْلُ شَكْوَى حَكِيمٍ عَضَّهُ زَمَنٌ

كما اشْتَكَى غَارِبٌ مِنْ عَضَّة القتَبِ

أَفْضِلْ عِنانَكَ لاَ تَجْمَحْ بِهِ طلَباً

فلا وعَيْشِكَ مَا الأرْزاقُ بِالطَّلَبِ

قَدْ يُرْزَقُ المَرْءُ لَمْ تَتْعَبْ رَواحِلُهُ

ويُحْرَمُ الرِّزْقَ مَنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ تَعَبِ

مَا أَصْعَبَ الفَقْدَ لِلْعَادَاتِ مِنْ مَلِكٍ

تَقْدِيمُهُ فِي الْعَطَايَا أَشْرَفُ الرُّتَبِ

لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ صَبْراً عَنْ مَحاسِنِهِ

ونَشْرِهَا فِي الْوَرَى أمْعنْتُ فِي الْهَرَبِ

ما لِي إذا لَمْ أَفُزْ مِنْهُ بِمَنْزِلَةٍ

وَعَوْدِهِ بِالرِّضَا في الْعَيْشِ مِنْ أَرَبِ

إنِّي لآمُلُ مِنْهُ حُسْنَ عَطْفَتِهِ

فالحَظُّ مُقْتَسِمٌ وَالدَّهْرُ ذُو عُقَبِ

حَتَّى يُبَيِّضَ وَجْهِي مُذْهِباً حَزَنِي

بِالبَذْلِ لِلْفِضَّةِ الْبَيْضاء والذَّهَبِ

كعادَةِ الدَّهْرِ فِي تَقْدِيمِهِ أبداً

رَضَعْتُ مِنْهُ بَدَرٍّ طَيِّبِ الحلَبِ

فَقَدْ سَبَقْتُ بِمَدْحٍ فِيهِ فُزْتُ بِهِ

صِدْقٍ إذَا مُدِحَ الأمْلاكُ بِالْكَذِبِ

فَاسْمَعَ لِمَدْحٍ يَلَذُّ السَّمْعَ مُنْشِدُهُ

لا تَجْعَل الرَّأْسَ فِي الأَشْعَارِ كَالذَّنَبِ

مُشَبَّهٌ لَفْظُهُ فِي حُسْنِ مَذْهَبِهِ

بِلَفْظِ شِعْرٍ بِنَارِ الحُسْنِ مُلْتَهِبِ

يا مَنْ يُحَمِّلُ ذَنْبَ الرَّاحِ شَارِبَهَا

أَقْبِلْ بوَجْهِ الرِّضَا فِي ساعة الغَضَبِ

لا وَالَّذي أَنْتَ مِنْهُ نِعْمَةٌ مَلأَتْ

عُرْضَ البِلادِ وحَلَّتْ حَبوةَ النُّوَبِ

ما فِي عَبِيدِكَ إِنْ فَتَّشْتَ أَمْرَهُمُ

أَقَلُّ مِنِّيَ فِي رِزْقِي وَفِي نَشَبِي