غناء للفصول الهاربة

ارجِعي للمدينةِ

إني تركتُ البساتينَ فيها

تركتُ الرعاةَ الحفاةَ

يسومونَ للّغو أيمانَهم

وتركتُ الإذاعاتِ تحملُ أنباءَ حزنِ العراقِ

وتحريرِ أنثى من الشعْرِ

قبل انبثاق السطورْ

تركتُ البنوكَ تنادي عليكِ

وتسألُ عن عددِ العاملينَ بقلبي لعينيكِ

عن رقمِ هاتفكِ الخلويّ

وعن أسْهُمِ الصبرِ

حين يميدُ بنا الحزنُ حتى تضيقُ الصدورْ ..!

تركتُ المدينةَ آمنةً

جاءَها عطرُها من بلادِ الضبابِ

ومن وشوشاتِ العبورْ

تركتُ الشعورْ

تركتُ صغارَ النوايا

تفاهاتِ بعضِ المساءاتِ

حينَ تكونُ الحقيقةُ أنثى

وحين تكونُ الطريقةُ ( خُنثى )

وحين تكونُ الحكاياتُ طفلاً غيورْ ..!

ارجعي للمدينةِ ..

إني خرجتُ إلى كاهنِ الحيِّ

بين مضاربِ صمتي

أُعِدُّ له قهوةَ الصبحِ

أكتبُ أسماءَ كلِّ الذينَ

يمرونَ بالشعرِ

ثم يزورونَ ( فاتن تي ) في بلادِ القبورْ

***

الحنينُ على البابِ

يطرقُ منكسرًا ..

ذاكَ يومٌ أتى والمدينةُ خاويةٌ من طيورِ الصّباحْ

القصائدُ مثل العناقيدِ

لكنها عرضةٌ للرياحْ ..

الجراحَ .. الجراحْ

متى يسألُ الناسُ عن شاعرٍ

خدَّرته الإضاءةُ ،

واسْتعمَرتْ قلبَهُ الأغنياتُ

وطافَ بهدأتهِ الفاتناتُ ..

ولا يُسْتباحْ ..؟!

مضى بالسجائرِ ظلِّي

وعدتُ وحيدًا

تهدِّدني الذكرياتُ

ويجتاحني البردُ

تلوي يدي خلفَ ظهري الحكايا

وتنتابني نوبةٌ من كفاحْ ..!

***

لا تفيئي إلى جبلٍ عاصمٍ

لامفرَّ لنا الآنَ

من أن نكونَ معا

كي تكاثرَ فينا القصائدُ

زوجينِ نورًا ونارْ

مسَّكِ الضرُّ مني كثيرا

وما كنتُ أحسب أنَّ القصيدةَ

حين تهدهدُ أفراخَها تستثير النهارْ ..!

فقيرٌ أنا عند بابِ الظلالِ

أغنِّي لأمسي

متى نهرتني العيونُ انكفأتُ انكسارْ ..!

مسَّني الضرُّ .. منذ اتخذتُ

القصيدةَ أنثى …….

تعالي المدينةَ لاظلَّ فيها

ترجَّلتُ حتى عن الظلِّ

كوني كما تشتهينَ

فلا عاصمَ الآنَ

ماء المساءاتِ طوفانُ أحزانِنا

والسفينةُ مخروقةُ الصدرِ

لكننا نستفيءُ معًا .. أو نموت معًا

فالقصائدُ .. إن نحنُ عشنا ..تكاثرُ ..

أو نحنُ متنا .. ستبقى المدينةُ

تذكرُنا كلما جاءَها شاعرٌ من دُوارْ