للطيور مواعيدها

للطيورِ مواعيدُها ..

لا تُسوّفُ هذي النّوارِسُ

حينَ يُنادي الشّتاءُ ،

ترى الأُفقَ أجْنِحَةً

والسواحلَ

مُبيضّةُ الوجهِ والقلبِ

مأمونةً ..

حفّها الرّيشُ

بالفرح ِ المَوْسِمِيِّ .

يَرُشُّ على وجهِكَ الملحَ

ماءُ الخليج ِ ،

لتسرحَ

في ملكوتِ البحارِ

وأسرارِ من ركبوها

وما رجعوا ..

نشوةُ المشهدِ السرمدِيِّ

تقودُكَ نحو الفناءِ

المُعَطّرِ بالذكرياتِ .

تُعيدُكَ طِفْلاً

تَحَنّى إلى رُكبتيهِ

برمل ِ الظّهيرةِ .

تُرسِلُ عينيكَ

بين النوارِس ِ ،

تبحثُ عن نورس ٍ ،

كان قبلَ ثلاثينَ عاماً ، هنا ..

كان يبكي ..

وكُنتَ صغيراً ،

تؤوّلُ سِرَّ بُكاءِ النوارِسِ

بالجوعِ .

لم تدرِ أنّ النوارِسَ

تبكي من العِشق ِ ،

حتى عشِقْتَ ،

وذُقتَ النّوى ،

وبكيتْ .

كنتَ طفلاً ،

وصوتُكَ أرجوحةٌ

تترنّحٌ في كُلّ بيتْ .

والصبايا اللّواتي

تسلّقتَ أحلامَهُنّ ،

نأينَ ..

وصِرنَ يُوارينَ أوْجُهَهُنّ

إذا ما قرأنَ بعينيكَ

أسماءَهُنّ ..

كبِرنَ

كبِرنَ

وما زال رملُ الظهيرةِ

بينَ أصابِعِ رِجليكَ

يشهدُ ،

أن النوارِسَ

لا تخلِفُ الوعدَ

والطّفلَ مازال يعدو ..

تشيخُ المسافةُ ،

والطّفلُ يعدو ..