لساعد هذا الدهر أنت أصابع

لِسَاعدِ هذا الدّهر أنت أَصَابِعُ

وأنتَ لأمر المُلْكِ خَتْمٌ وطَابِعُ

وفي كلّ مُلْكٍ مَنْ يسوس شؤونَه

ولكِن عن الماضي يجلّ المضارع

وفي الفَلَكِ السّامي كواكبُ جمّةٌ

وأَنَّى يضاهي الشّمسَ في الأُفْقِ طالِعُ

أيا نورَ عَيْنِ الدّهر فالدّهرُ مُبْصِرٌ

وَمَسْمَعَ جِسْمِ الدّهر فالدّهر سامع

حَلَلْتَ سماواتِ العُلَى فطويتَها

وإلاّ فممّا أنت في الجوّ ساطع

وما جئتَ إِقْبالاً بعزٍّ وإنّما

أتاك ليُلقى العزُّ إذْ أنت رافع

وما جاء إنْفَاساً بِغَيْرِ مَحَلِّه

ولكنّ فَرْعَ الشّيء للشّيء راجع

وأيّ كمالٍ يبتغى فيه كاملٌ

وأيّ جَداً يُبْغَى من النّاس نافع

فتًى نشر الإِحسانَ وابلُ جودِه

فقام ونُطْقُ الجودِ بالشّكر صادع

فأَنْبَتَ في الآفاقِ حمداً مُخَلّداً

ومجداً عن الأصحاب يرويه تابع

عَلاَمَ قَتَلْتَ البخلَ جوداً وأهلُه

على سقمه الماضي الجفون دوامع

كما نهكَتْ علياك عَلْيَاءَ حَاسِدٍ

فأصبح ملسوعاً وقدرُك لاسعُ

على أنّ ما فوق البسيطة ساجدٌ

إليك وما فيها لغيرك راكع

وما حَسَدَ الأعداءُ شيئاً يَرَوْنَهُ

ورُبَّ عدوٍّ فيه للحقّ وَازعُ

وقد بَرَزَتْ للمُلك منك عزائمٌ

عَلِمْنَا بِأنَّ السّعدَ للنّحس قامع

وأَمَّكَ بالإِقبال في الحُسْنِ مَنْ له

إمَامَتُهُمْ في الدّين إذْ أنت جامع

فلِلّه خاقانٌ يرى بفؤاده

يُسَوِّفُ ما يأتي كما هو واقع

رأى أنّ للإِصلاح فيك شمائلاً

فألْفاكَ لا يدنو إليك مضارع

وغير غريبٍ أن يصيب بِرَأْيِهِ

أميرٌ لِثّدْيِ الرأي والعلم راضعُ

وللفرع بالأصل ابتداءٌ وحيثما

تكامل أصلُ المرء فالمرء تَابِعُ

وَدُمْ أنتَ في وجه السّعادة طالعاً

ودُرُّك من نحر الخلافة لامع