قد أشهد الغارة الشعواء تحملني

قدْ أشْهَدُ الغارَةَ الشّعْوَاءَ تَحْمِلُنِي

جَرْدَاءُ مَعرُوقَةُ اللّحييَنِ سُرْحُوبُ

كَأنَّ صاحِبهَا إذْ قَامَ يُلْجِمُها

مَغْذٌ على بَكْرَةٍ زَوْرَاءَ مَنْصُوبُ

إذا تَبَصّرَها الرَّاؤُونَ مُقبِلَةً

لاحتْ لَهُمْ غُرَّةٌ مِنْها وَتجْبِيبُ

وِقافُها ضَرِمٌ وَجَرْيُها جَذِمٌ

وَلَحْمُها زِيَمٌ والبَطْنُ مَقْبُوبُ

وَاليَدٌ سابِحَةٌ وَالرِّجْلُ ضارِحَةٌ

وَالعَيْنُ قادِحةٌ وَالمَتْنُ مَلْحُوبُ

وَالمَاءُ مُنْهَمِرٌ وَالشَّدُّ مُنْحَدِرٌ

وَالقُصْبُ مُضْطَمِرٌ وَاللَّونُ غِرْبِيبُ

كَأنّها حِينَ فاضَ الماءُ وَاحْتَفَلَتْ

صَقْعاءُ لاحَ لَها في المَرْقَبِ الذِّيبُ

فأَبْصَرَتْ شَخْصَهُ مِن فَوْقِ مَرْقَبَةٍ

ودُونَ مَوْقِعِها مِنْهُ شَنَاخِيبُ

فَأقْبلَتْ نَحوَهُ في الجَوِّ كاسِرَةً

يَحُثُّها مِنْ هُوِيِّ الرِّيحِ تَصْوِيبُ

صُبَّتْ عَلَيْهِ وما تنْصَبُّ مِنْ أُمَمٍ

إنَّ الشَّقَاءَ على الأشْقَيْنِ مَصْبُوبُ

كالدَّلْوِ ثَبْتٌ عُرَاهَا وهْيَ مُثْقَلَةٌ

إذْ خَانَها وذَّمٌ منْهَا وتَكْرِيبُ

لا كالَّتي في هَواءِ الجَوِّ طّالِبَةً

ولا كَهَذَا الّذِي في الأرْضِ مَطلوبُ

كالْبَزِّ والرَّيْحِ في مَرْآهُما عَجَبٌ

مَا في اجْتِهَادٍ على الإصْرَارِ تَعْييبُ

فأدْرَكَتْهُ فَنالَتْهُ مَخَالِبُهَا

فَانْسَلَّ مِن تحْتِها والدَّفُّ مَعْقُوبُ

يَلوذُ بِالصَّخْرِ مِنْهَا بَعْدَ مَا فَتَرَتْ

مِنْها ومِنْهُ على الصَّخْرِ الشَّآبِيبُ

ثمَّ اسْتغَاثَتْ بمَتنِ الأرضِ تَعْفِرُهُ

وبِاللِّسان وبِالشِّدْقَيْنِ تَتْرِيبُ

فأخطَأتْهُ المَنَايَا قِيسَ أُنْمُلَةٍ

ولا تَحَرَّزَ إلا وهْوَ مَكْتُوبُ

يَظَلُّ مُنْحَجِراً منْهَا يُراقِبُهَا

ويَرْقَبُ اللَّيْلَ إنّ اللّيْلَ مَحْجُوبُ

والخَيرُ مَا طَلَعَتْ شَمسٌ وما غَرَبَتْ

مُطَلَّبٌ بِنَواصي الخَيْلِ مَعْصُوبُ