وأرى الوفود لدى المنازل من منى

وَأَرى الوُفودَ لَدى المَنازِل مِن منىً

شَهِدوا وَأَنَّكَ غائِبٌ لَم تَشهَدِ

صَلّى الإِلَهُ عَلى اِمرِئٍ غادَرتُهُ

بِالشأمِ في جَدَثِ الضَّريحِ المُلحدِ

بَوّأتُهُ بِيَدَيَّ دارَ مُقامةٍ

نائي المَحَلَّةِ عَن مَزارِ العُوَّدِ

أَعنى اِبنَ عروة إِنَّهُ قَد هَدَّني

فَقدُ اِبنِ عُروَةَ هَدَّةً لَم تَقصدِ

وَغَبَرتُ أُعوِلُهُ وَقَد أَسلَمتُهُ

لشَبا الأَماعِزِ وَالصَّفيحِ المُسنَدِ

مُتَخَشّعاً لِلدَّهرِ أَلبسَ حُلَّةً

في النائِباتِ بعَولَةٍ وَتَبَلُّدِ

فَلَئِن تَرَكتُكَ يا مُحَمَّدُ ثاوِياً

لَبما تَروحُ مَعَ الكِرامِ وَتَفتَدي

فَإِذا ذَهَبتُ إِلى العَزاءِ أَرومُهُ

لأُري المُكاشِحَ بِالعَزاءِ تَجَلُّدي

مَنع التَّعَزّي أَنَّني لِفِراقِهِ

لبسَ العَدو عَلَيَّ جِلدَ الأَربَدِ

وَنَأى الصَّديقُ فَلا صَديقَ أُعِدُّهُ

لِدِفاعِ نائِبَةِ الزَّمانِ المُفسدِ

إِذ خانَني عَنَتُ الزَّمانِ وَفاتَني

بِأَغَرَّ ذي فَجَرٍ كَريمِ المَشهَدِ

مُتَبَلِّجٍ لِلخَيرِ يُشرِقُ وَجهُهُ

كَالبَدرِ ليلته بِسَعد الأَسعَدِ

وَأَرى لِفَقدِكَ كُلَّ أَرضٍ جُبتُها

وَحشاً وَإِن أَهِلَت بِمَن لَم يُحمَدِ

كانَ الَّذي يَدرا العَدو بِدَفعِهِ

فَيَرُدُّ نَخوَةَ ذي المِراحِ الأَصيَدِ

فَمَضَى لِوجهَتِهِ وَكُلُّ مُعَمّرٍ

يَوماً سَيُدرِكُهُ حِمامُ المَوعِدِ

وَالمَرءُ رَهنُ منيةٍ يُدعى لَها

لا بُدَّ أسرعَ مِن رِداءِ المُرتَدي