إن الليالي من أخلافها الكدر

إنَّ اللَيالي من أخلافِها الكَدَرُ

وَإن بَدا لك مِنها مَنظَرٌ نَضِرُ

فكُن على حَذَرٍ مِمّا تَغُرُّ بهِ

إن كانَ يَنفَعُ من غِرّاتِها الحَذَرُ

قد أَسمَعَتكَ اللَيالي من حوادِثِها

مافيه رُشدُكَ لكن لَستَ تَعتَبِرُ

إن كنتَ ذا أُذُنٍ لَيسَت بواعيةٍ

قُل لي بِعَيشِكَ ماذا تَنفَعُ العِبَرُ

لِلدَهر لو كنتَ تَدري هولَ مَنطِقِهِ

وَعظٌ تُرَدِّدُهُ الآصالُ وَالبُكَرُ

يا من يُغَرُّ بِدُنياهُ وَزُخرُفِها

تَاللَهُ يوشِكُ أن يودي بكَ الغَرَرُ

وَيا مُدِلّاً بِحُسنٍ راقَ مَنظَرُهُ

لِلقَبرِ ويحَكَ هذا الدَلُّ وَالغَفَرُ

تَهوى الحياةَ ولا تَرضى تُفارِقُها

كمن يُحاوِلُ وِرداً مالهُ صَدَرُ

كلُّ امرىءٍ صائِرٌ إلى جَدثٍ

وَإن أَطالَ مدى آمالهِ العُمُر

أَبَعدَ أن ماتَ عبدُ اللَهِ مُرتَهَناً

تحت الثَرى يُرتَجى صَفوٌ وَيُنتَظَر

يا وَيح مَن أَودَعوهُ القَبرَ هل عَلموا

أنَّ المَكارِم كانت بَعضَ ما قَبَروا

قد غَيَّبوا ماجِداً كانت مَناقِبُه

بها الزَمانُ إذا ما زَلَّ يَعتَذِرُ

وَعَطَّلوا من رُبوعِ العِلمِ أَندِيَةً

كانت بِعَلياهُ يومَ الفَخرِ تَفتَخِر

مضى وَخلَّفَ فينا من فَضائِله

بدائِعاً يَجتَليها السَمعُ وَالبَصَر

بِرَغمِ أَنفِ المعالي ياِبنُ بِجدَتِها

أن غَيَّبَت شَخصَكَ الأَيّامُ وَالغِيَرُ

تَفدي النفوسُ حياةً منكَ غالِيَةً

لو كانَ يُدفَعُ عنها بِالفِدا ضَرَرُ

قد أَصبَحَت ظُلُماتُ الجهلِ حالِكةً

لمّا تَغيَّبَ عن آفاقِنا القَمَر

يا عَينُ جودي بِمُنهلِّ الدموع على

من كانَ ذُخراً لِرَيبِ الدهرِ يُدَّخَر

أو فاِسألي اللَهَ سُلواناً وَمُصطَبَراً

إن كانَ يَجمُلُ سُلوانٌ وَمصطَبَر