لو أن أطلال المنازل تنطق

لَو أَنَّ أَطلالَ المَنازِل تَنطِقُ

ما ارتّدَّ حرّانَ الجوانِح شَيِّقُ

هَل عندَ ذاك السِربِ أَنّا بعدَه

في الحَيِّ مِن آماقِنا نَتَدَفَّقُ

أَو أَنَّ أَضلُعنا على ما اِستودِعت

يومَ الفراقِ من الجَوى تتحَرَّقُ

أَمَنازِلَ الأَقمارِ أَهلُكِ أَسرَفوا

في النَايِ إِسرافَ الغَنيِّ وَأَغرَقوا

لَو أَنَّهم قد أَنصَفوكِ منازِلاً

ما حازَهُم في الكَون بعدَكِ مَشرِق

عيدَ الفِداءِ ألا سَعِدتَ بسُدَّةٍ

أَمسى يحيط بها الجلالُ وَيُحدِق

هلّا رَأَيتَ بعابدين مع المَلا

ملِكا خلائِقهُ تَضوعُ وَتَعبَق

وَجَمعتَ من تِلكَ الشَمائِل طاقةً

تَزدان أَيّاما بها وَتُخَلَّق

وَرجعتَ من نور الأَميرِ مزَوَّدا

حَتّى تعود وَأَنتَ زاهٍ مُشرِق

أَحرَزتَ يا عبّاسِ كلَّ فضيلَةٍ

وَبَلغتَ شَأواً في العُلا لا يُحلَقُ

من ذا يُجاري أَخمَصَيكَ إلى مَدىً

وَهواكَ سَبّاقٌ وَعزمُك أَسبَقُ

إِن يُرتَجَل عُرفٌ فَأَنت إِلى الذي

لَم يَرتَجِله المالِكون موفَّقُ

سَدِّد سِهامَ الرَأي بِالشورى يحِط

بك منهُ في ظُلَمِ الحوادِثِ فَيلَق

وَاِسبِق به وَاِضرِب به وَاِفتَح به

ما شِئتَ من بابٍ أَمامَك يُغلَق

عَوَّذتُ مجدَكَ أَن تَنامَ وَفي الحمى

أَملٌ عَقيمٌ أو رجاءٌ مُخفِق

وَلَرُبَّ محلٍ في النُهى متحكِّمٍ

قد كادَ يخترم النفوسَ وَيوبِق

أَرسَلتَ فيه نظرةً ضَمِنَ الحِجا

وَالعِلمُ نُصرَتَها وَقلبٌ مشفِق

وَأَخذتَ رَأيَ النُهى مُستَوثِقا

مُستَوزِرا وَكذا الحَكيم يدقِّقُ

حتى اهتَديتَ إلى الصَوابِ وَلم يَزَل

بينَ الصَواب وَبينَ رَأيك موثِقُ

وَوَهَبتَ فَاِبتَكَر النُضارُ سحائِبا

تَهمي وَتَفتقِد المَحيلَ وَتُغدِقُ

إِن أَمرعت تلكَ المواتُ وَأَورَقَت

فيها الرِياض فَإِنَّما لك تورِق

وَأَقَلتَ عثرَةَ قريَةٍ حكمَ الهوى

في أَهلِها وَقَضى قضاءٌ أَخرَق

إِن أَنَّ فيها بائِسٌ مِمّا بهِ

وَأرَنَّ جاوَبه هناك مطوَّق

وَاِرحَمتى لجناتِهم ماذا جَنَوا

وَقُضاتِهم ما عاقَهُم أَن يَتَّقوا

ما زالَ يُقذى كلَّ عين ما رَأوا

فيها وَيُؤذى كلَّ سَمعٍ ما لَقوا

حَتّى حَكمتَ فجاء حُكمُك آيةً

لِلنّاسِ طيَّ صحيفَةٍ تَتَأَلَّقُ

نَزلت تُرَفرِفُ حَولَ كاتبِ نَصِّها

زُمَرا مَلائكَةُ الرِضا وَتُحَلِّق

شَكَرتك مصرُ على سلامَة بعضِها

شكراً يُغرِّب في الوَرى وَيُشرِّق

ذكرت لك الصَفح الجَميلَ وَلم تَزَل

تَرمى إِلى أَمرٍ أَجلَّ وَتَرمُق

قانونُ دِنشاوايَ ذاك صحيفةٌ

تُتلى فترتاعُ القلوب وَتَخفِق

هل يُرتَجى صَفوٌ وَيَهدَأ خاطِرٌ

وَالمَوتُ حول نُصوصِها يترقرق

وَمضاجعُ القَوم النيامِ أَواهِلٌ

بِمعذَّبٍ يَردى وَآخرَ يُرهَق

لن تَبلُغَ الجرحى شِفاءً كامِلا

ما دام جارِحُها المُهنَّدُ يبرُق

فاِحكُم بغير العُنف وَاِكسِر سَيفَه

فَالحلمُ أَجمَلُ وَالمكارمُ أَليَق

لك مصرُ ماضيها وَحاضِرُها معاً

وَلك الغدُ المتحتِّم المُتَحقِّق

وَاللَهُ عونُك إن رَكبتَ إلى العُلا

طُرُقاً تَضِلُّ بها الهُداةُ وَتَفرَق

وَالأَمرُ أَمرُك لا يُشابُ بريبَةٍ

وَالحكمُ حُكمُكَ وَالإِلهُ مصدِّق